بين أحضان الجبال 12 (أنا مسلمة نظيفة )
بسم الله الرحمن الرحيم .
جمال الورد لا يكمن في شكله فقط , فبين طيات أوراقه عبير أخاذ يسلب الألباب .
فكن كالورد جميلا ظاهرا وباطنا .
.................................................. ........
أنظر دائما إلى منصة الإذاعة , أرى مكبر الصوت بيد الطالبات , وألحظه بيد المديرة أحايين كثيرة ,
ولكن أن يقع بيدي , وأحدث الجمهور به فذاك من المستحيل بالنسبة لي .
جمهوري صغير , محصور بين جدران أربعة ولا أتجاوز ذلك .
وقع الاختيار علي كمرشدة صحية , وبحق أقول لست أهلا لذلك أبدا , ولكن وبعد أن وقع الفأس بالرأس فلا مناص من العمل .
الطريف في الأمر, بعد تسلمي المهمة بدأت تنهال على غرفتي الحالات المرضية , فأقف حائرة لا أدري ما أصنع , ولكن أحاول تقديم ولو البسيط تجاه تلك المريضة .
في محاولة مني للنجاح في مهمتي الجديدة ,بدأت بأول خطوة :
وضع خطة للعمل .
فكان أول مشروع هو ( النظافة ) .
جعلت له هدفا عاما :
الاهتمام بالنظافة الشخصية ونظافة المرافق العامة .
وضمن ذلك الهدف كانت الأهداف الخاصة التالية :
* أن تستشعر الطالبة أهمية النظافة من الناحية الدينية والأخلاقية والاجتماعية .
* أن تعتني الطالبة بنظافتها الشخصية ( الجسم والأسنان والملابس ) .
* أن تحافظ الطالبة على نظافة بيتها ومدرستها والمرافق العامة .
ولتحقيق تلك الأهداف فكرت بطريقة للتنفيذ كالتالي :
_ تقديم برنامج عن أهمية النظافة .
_ تقديم فلاشات أو أفلام عن النظافة.
_ توزيع منشورات عن النظافة .
_ إعداد حقائب للطالبات تخص موضوع النظافة .
وقمت بعدها بتحديد احتياجات العمل من أجهزة وأدوات .
ثم جاء وقت التنفيذ .
فبدأت بالبحث عما أريد هنا وهناك , وحين يطول بي المقام أشعر ببعض الانهزام وعدم القدرة على المواصلة أو حتى نجاح المهمة , فتفتر الهمة , ولكنها ما تلبث أن تعود .
جمعت ما قدرت على جمعه , ثم أخذت في تنظيم العمل وهنا بدأ القلق يتسرب إلي , فهذه أول مرة يكون لي مشروع بهذا الحجم , فوجدت نفسي عاجزة عن المضي قدما فيه وبدأت الصورة السوداوية تخيم علي , بل إني طلبت من المديرة أن تعفيني من المهمة كاملة
وكعادتها ما بخلت علي بكلماتها الطيبة , فعزمت على المضي مجددا .
كنت أحاول التركيز في برنامجي على مخرجاته ونتائجه , فيدفعني ليكون أجمل .
سهرت الليل لأكمل إعداد العرض .
وكنت قد جهزت بمساعدة بعض الطالبات الحقائب .
كل أدواتي جاهزة للعمل , وبقي علي أن أهيء نفسي لتقديم البرنامج , فعزمت أمري وتوكلت على الله .
ونظرا للإمكانات المتاحة كنت اقتصر الأمر على طالبات الصفوف الدنيا .
ولآخر لحظة , ولأني سأضطر الوقوف أمام جمهور كبير , وسأمسك بمكبر الصوت , كنت أتمنى لو قامت المديرة بتأجيله ,ولكن لا مناص .
وجاء وقت البدء , وما زلت أهرب من مكبر الصوت , فناولته المديرة واحتججت بأنه لا بد أن تبدأ هي , ولكنها ما فهمت مرادي فناولتني إياه بسرعة .
أعميت بصري عن البقية , ونظرت إلى جمهوري , فإذا هن صغيراتي,
من كنت :
أتشاكس معهن , أحنو عليهن , أغضب منهن , أضحك معهن, , يفتقدنني إن غبت ,
يودعنني إن رحلت , استقبالهم فرحة , ووداعهم لي بسمة .
هن بسمتي , وهن دمعتي .
فبدأت ,واسترسلت الحديث واسمتعت , فكان مما قلت :
http://net.arabsh.com/images/download.gif
وأخيرا لا أنسى تقويم البرنامج :
فمن خلال الملاحظة :
تريني الطالبات أظفارهن بأنها مقصوصة نظيفة .
لم يعد فناء المدرسة مكبا للنفايات كالسابق .
والطالبات مرتبات نظيفات .
وهذه المحصلة ليست نتاج مجهود فردي , بل جهود جماعية تكللت بفضل الله بالنجاح .
بين أحضان الجبال ( العرض الأخير ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
بين أحضان الجبال
الرواية التي لم تنته .
وكأن فصولها للتو بدأت كما الفصول الأربعة .
تغرد الطيور , وتصدح بالنشيد في صبح الربيع .
الزهور أزهرت , والأشجار أورقت ,
وها هو قوس المطر .
بقدومك يا ربيع ,
تطوي عهدا أفل ,
فيغيب الصوت للأبد ,
عن تلك الأرجاء العالية ,
حيث تعانق السحاب,
وتسقط حبات المطر .
والآن
لنفتح الستار ,
لنقدم العرض الأخير,
من مسرحيتنا ,
عنوانه :
قوس المطر , وألوان الحياة .
تقدمت وردة الصباح نحو صفها, ألقت السلام , ثم انتظرت انقضاء ترانيم القدوم لتبدا الدرس الأخير .
ـ أتعلمن ما سندرس اليوم ؟
بدونه لا نرى جمال الكون ؟
ـ إنه الضياء .
ـ فماذا يكون يا ترى ؟.
رفرفت علامات الاستفهام بأجنحتها على رؤوس الصغيرات , وكدن أن يغرقن في بحور الأفهام , فأبين إلا الوقوف على شواطئ الأمان .
ورغما عن الجميع , تلاطمت الأمواج وأرغمت السفينة على الغوص في الأعماق .
ـ معلمتي ,
جبال متعامدة !!!!! كيف هذا ؟
- انظرن جميعا لذلك المغرور كيف صدته المرآة ؟
- ويلي , لم رجلي مكسورة في الماء ؟
- تعالين شاهدن , صورة عملاقة !!!
- بل انظرن هنا , صرت ’ من الأقزام .
تعالت الضحكات , بينما أخرى لم تبارح مكانها , تريد حلا للغز المرآة .
وفجأة, ضج المكان بذاك الخبر :
الأجسام ليس لها ألوان !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ كـيف ؟
ـ متى
ـ بلى !
ـ كيف ؟
ـ كذب !
ـ جنون .
_ ما هذا الهراء ؟
ـ مهلا صغيراتي مهلا .
ما هكذا نقد الخبر .
ولنبحث عن الرأي السديد على قوس المطر .
ـ قوس المطر.
ـ قوس المطر .
أجبنا :
هل صحيح ذاك الخبر ؟
هل صحيح ذاك الخبر ؟
ـ قوس المطر .
ـ قوس المطر .
ـ قوس المطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــر.
ـ رحل .
ـ لم يجبنا .
ـ لماذا ؟
ـ يا لخبيبة الأمل .
ـ أين الجواب ؟ حار عقلي وأصابني الوجل .
ـ كيف الوصول إلى صدق الخبر ؟
ـ معلمتي ,
هل لوني كذب ؟
حمرة أزهاري , بهاء أشجاري , صرير أقلامي سراب, وهم , كذب .
ـ ليس حقا , كذب , كذب , كذب .
ـ سأجن . أين اليقين ؟
صمت رهيب , وحزن خيم بظلامه على الجميع .
وسرت الأنباء كنار في الهشيم .
ولكن بعد حين ,
همست وردة الصباح :
بنياتي ,هل نظل حبيسات للهم والحزن الدفين ؟
ـ وما الصنيع وغابت بهجة الحياة عنا ؟ هذا مستحيل .
ـ لن يعود السعد إلينا , .لن يعود .
ـ إن نحن إلا ظلام في ظلام .
ـ أطفئن هذه الأضواء ,كفى خداعا , ظلامنا أصدق إنباء من نورنا .
قالت :
ـ كما تردن . سأغادر الآن .
ولكن ,
الشمس ضوء واحد تفرقت ألوانه على بساط أرضنا .
حارت العقول بالأفهام , واستسلم العديد بلا حراك , وظلت أنفس مضطربة تريد الجواب ؛
فغاصت البحور وصعدت الجبال , جالت الحقول والسهول والهضاب .
حلقت مع الباز في الأعالي ,
ورفرفت مع الفراشات في البراري .
وراحت تسأل الغادي والآت , وما وجدت راحة لذاك البال .
فأصابت النفس سآمة , وتلاشت الآمال في بلوغ المراد .
فتوقفت عن سيرها ,
وفي استراحة الطريق ,
رأت لوحة للبشر ,
تأملت ألوانها ,
وتعجبت لحالها ,
ـ هذا سيء وذاك حسن .
ثم انتبهت , وللتو أسرعت
جريا تريد اللحاق .
ما أدركت ,
فصاحت بأعلى صوتها :
ـ معلمتي انتظري .
لا ترحلي ؛
لقد جئتك بالصواب ,
فاستدارت وردة الصباح نحوها ,
فقالتا :
ذواتنا تعكس ألواننا .
ذواتنا تعكس ألواننا .
فأسدل الستار ,
وانتهى العرض الأخير من مسرحية
قدمت
بين أحضان الجبال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
يا للأسف , انتهت أوراق مذكرتي .
ما كانت أوراقها كثيرة ,
في المرة القادمة بإذن الله سأبحث عن واحدة أغنى .
إلى اللقاء ................