وردة الثلاثون
11-12-2009, 03:48 AM
رسالة ماجستير مقمة من الأستاذ / منير عبد العزيز كرمة
مقدمة:
شهدت مناهج الرياضيات في النصف الثاني من هذا القرن موجات متلاحقة من التغيير والتطور، رغم ذلك بقيت الأعداد وعملياتها الحسابية مركزا ثابتا تدور في فلكه معظم المواضيع الرياضية. وتبقى الأعداد وعملياتها الجوهر والمعنى للرياضيات برمتها وبجميع فروع الرياضيات المعروفة حتى اليوم، وكما قال العالم جاوس: " الرياضيات ملكة العلوم والحساب ملكة الرياضيات " ( عكاشة وآخرون، 1990 ).
اجل لقد تغيرت المناهج الرياضية بدون توقف، ولا يوجد هنالك شك أن المهارات الحسابية بقيت لبنة أساسية في مناهج الرياضيات، وبالتحديد لدى طلبة المرحلة الابتدائية كما تم ذكر ذلك من قبل الباحثتين رزنك وفورد (Resnick & Ford , 1981).
إن الأصل أن يثابر مدرس الرياضيات ويستمر في مساعدة طلبته على تطوير المهارات والخوارزميات والعمليات الحسابية لطلبته، وبنفس القدر يسعى المعلم دوما ليحقق الفهم والاستيعاب لدى طلبته عن طريق التساؤل فيما يفعلون ؟ لماذا يفعلون ؟ كيف يفعلون ؟ ولا تنجح عملية تعليم وتعلم الرياضيات دون عمل توازن بين استيعاب المفاهيم والحقائق العددية من جهة والمهارات والعمليات من جهة أخرى من اجل تمهيد الطريق وتسهيلها أمام المزيد من المعرفة الرياضية وحل المسائل والمشكلات.
ويبرز دور الطالب في إظهار هذا الفهم والاستيعاب من خلال القدرة والكفاية الرياضية على فهم الأعداد وإجراء العمليات عليها، حيث يكون هذا الطالب قادرا على فهم النظام العددي، ومعرفة الأسس التي تبنى عليها العمليات الحسابية، والقدرة على تقدير الأعداد والكميات والإجابات وإصدار أحكام على معقولية هذه التقديرات، والقدرة على إجراء العمليات بصورة مختصرة ، والقدرة في الإجابة عن طريق الحساب الذهني، والتمكن من الأعداد الكبيرة وفهم المصطلحات الحسابية الأساسية.
إن مساعدة الطلبة في فهم الأعداد والعمليات عليها تأتي عن طريق إعداد الطلبة من خلال الدقة والسرعة في إجراء العمليات، بجانب الإتقان والمعرفة للحقائق والمفاهيم الأساسية للأعداد والعمليات، وهذا لا يتم بمعزل عن موضوع الحس العددي “Number Sense” كما بينت ريز ( Reys , B.J., 1992 ).
جاء هذا البحث لكي يسلط الضوء على موضوع الحس العددي ولذلك يلزم توضيح متى ظهر مصطلح الحس العددي ؟ ما المقصود بمصطلح الحس العددي ؟ ما المكونات الأساسية للحس العددي؟
ونظرا لحداثة مصطلح الحس العددي في الرياضيات كما ذكر ماكنتوش وزملائه
(McIntosh et al ,1997) ، في أمريكا وفي أستراليا والسويد واليابان وتايوان، فقد تعرض إلى الكثير من الأسئلة والاستفسارات إلى جانب البحث والتنقيب بين المهتمين والتربويين والباحثين وواضعي المناهج ودعاة التجديد والإصلاح في الرياضيات، وبالتالي ظهرت أسئلة عديدة مثل ما تعريف الحس العددي ؟ وما مكونات الحس العددي؟
ونتيجة لهذه التساؤلات فقد أٌعطي الحس العددي تعريفا عاما متفقا عليه من قبل بعض المهتمين في مجال تربية الرياضيات كما بينت ريز(Reys.B.J,1992) ، وينص التعريف على أن الحس العددي هو إحساس الإنسان بخصائص الأعداد والعمليات عليها ومعناها وفهم كيف ومتى ولماذا نستعملها، فكما أن أسلوب حل المشكلات يعتبر الأساس في الرياضيات بشكل عام فإن الحس العددي يعتبر الأساس في دراسة الأعداد والحساب الذي يعتمد على الفهم.
ولقد عرف كل من ريز وينج ( Reys & yang , 1998) وماكنتوش وزملائه
(McIntosh et al,1992,1997 ) الحس العددي على انه يعود إلى الفهم العام للأعداد والعمليات، ويشمل ذلك الميل والقدرة في استخدام هذا الفهم بطرق مرنة من أجل إصدار أحكام رياضية وتطوير استراتيجيات مفيدة وفعالة في معالجة الأعداد والعمليات. كما يشمل انطباعات الشخص عن الحس العددي وأن الأعداد عبارة عن شيء له وجود ومعنى وأن الأعداد مفيدة وأن الرياضيات هي طريقة تفكير منظمة ومنطقية.
أما الحس العددي من وجهة نظر جرينو (Greeno,1991) فهو عبارة عن مصطلح يحتاج إلى تحليل نظري بدلا من إعطاءه تعريفا محددا، وهو عبارة عن تفكير مفاهيمي أو استدلالي مفاهيمي بمعنى أن الحس العددي يشتمل على المرونة الحسابية للأعداد والتقدير العددي وإصدار أحكام كمية واستدلالية.
وذهب هوب (Hope,1989) إلى تعريف الحس العددي على أنه عبارة عن سمة مرغوب بها من أجل الرعاية والتنشئة لدى الطلبة. وبالرغم من أن معنى الحس العددي يعود إلى التفكير الرياضي لدى الطلبة، فهو يعرف بصورة عامة ولا يمكن أن يعرف بدقة محددة ولكن يمكن إدراك المواقف التي يفتقد إليها الطلبة للحس العددي. وذكر أنه من السهل معرفة الطالب الذي ليس لديه حس عددي وذلك من خلال تعريضه لاختبارات الحس العددي.
من هنا نرى أن الحس العددي عبارة عن شعور حدسي نحو الأعداد واستخداماتها المختلفة وتفسيراتها، وإدراك عدة مستويات من الدقة عند العمليات الحسابية، والقدرة على تعقب الأخطاء الحسابية، وإحساس عام نحو الأعداد، والحس العددي ليس شيء منته يمتلكه أو لا يمتلكه الطالب، وليس وحدة دراسية يمكن أن تدرس ثم ننتهي منها، بل هو طريقة من طرق التفكير والتي يمكن إكسابها لدى الطالب إذا وجدت طرق تدريس وفرص تعلم مناسبة كما بينت ريز (Reys.B.J,1992).
إن إهمال الفهم في مادة الحساب والعمليات الحسابية يعني بسهولة إهمال الحس العددي في التدريس كما بينت ريز (Ryse.B.J.,1992)، هذا الحس المبني على الفهم أولا ثم تطبيق المهارة والإجراءات ثانيا، اجل هذا الحس يجعل الطالب متيقظا للأعداد والعمليات والنتائج ومعقوليتها، والتي تجعل من الطالب مشرفا ومعلما لنفسه ومساهما في عملية تعلمه.
إن إهمال الحس العددي في التعليم والتدريس، يؤدي إلى إهمال طرق التقويم التي تعتمد على اختبارات الحس العددي، والاكتفاء بأساليب التقويم المتبعة في المقرر فقط دون تجديد أو تطوير أو إثراء. إن الأسئلة الموضوعية في الرياضيات غالبا تتطلب الإجراء والتطبيق دون معنى وفهم ولا تستحث الطلبة على التفكير.
هذه الدراسة تلقي الضوء على العلاقة بين الحس العددي المبني على الفهم والمعرفة للأعداد والعمليات من خلال المعالجة الذهنية والتقديرية وبين الأداء الحسابي المبني على الإجراءات الحسابية الميكانيكية (المعالجة الحسابية الكتابية بالورقة والقلم فقط) 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مقدمة:
شهدت مناهج الرياضيات في النصف الثاني من هذا القرن موجات متلاحقة من التغيير والتطور، رغم ذلك بقيت الأعداد وعملياتها الحسابية مركزا ثابتا تدور في فلكه معظم المواضيع الرياضية. وتبقى الأعداد وعملياتها الجوهر والمعنى للرياضيات برمتها وبجميع فروع الرياضيات المعروفة حتى اليوم، وكما قال العالم جاوس: " الرياضيات ملكة العلوم والحساب ملكة الرياضيات " ( عكاشة وآخرون، 1990 ).
اجل لقد تغيرت المناهج الرياضية بدون توقف، ولا يوجد هنالك شك أن المهارات الحسابية بقيت لبنة أساسية في مناهج الرياضيات، وبالتحديد لدى طلبة المرحلة الابتدائية كما تم ذكر ذلك من قبل الباحثتين رزنك وفورد (Resnick & Ford , 1981).
إن الأصل أن يثابر مدرس الرياضيات ويستمر في مساعدة طلبته على تطوير المهارات والخوارزميات والعمليات الحسابية لطلبته، وبنفس القدر يسعى المعلم دوما ليحقق الفهم والاستيعاب لدى طلبته عن طريق التساؤل فيما يفعلون ؟ لماذا يفعلون ؟ كيف يفعلون ؟ ولا تنجح عملية تعليم وتعلم الرياضيات دون عمل توازن بين استيعاب المفاهيم والحقائق العددية من جهة والمهارات والعمليات من جهة أخرى من اجل تمهيد الطريق وتسهيلها أمام المزيد من المعرفة الرياضية وحل المسائل والمشكلات.
ويبرز دور الطالب في إظهار هذا الفهم والاستيعاب من خلال القدرة والكفاية الرياضية على فهم الأعداد وإجراء العمليات عليها، حيث يكون هذا الطالب قادرا على فهم النظام العددي، ومعرفة الأسس التي تبنى عليها العمليات الحسابية، والقدرة على تقدير الأعداد والكميات والإجابات وإصدار أحكام على معقولية هذه التقديرات، والقدرة على إجراء العمليات بصورة مختصرة ، والقدرة في الإجابة عن طريق الحساب الذهني، والتمكن من الأعداد الكبيرة وفهم المصطلحات الحسابية الأساسية.
إن مساعدة الطلبة في فهم الأعداد والعمليات عليها تأتي عن طريق إعداد الطلبة من خلال الدقة والسرعة في إجراء العمليات، بجانب الإتقان والمعرفة للحقائق والمفاهيم الأساسية للأعداد والعمليات، وهذا لا يتم بمعزل عن موضوع الحس العددي “Number Sense” كما بينت ريز ( Reys , B.J., 1992 ).
جاء هذا البحث لكي يسلط الضوء على موضوع الحس العددي ولذلك يلزم توضيح متى ظهر مصطلح الحس العددي ؟ ما المقصود بمصطلح الحس العددي ؟ ما المكونات الأساسية للحس العددي؟
ونظرا لحداثة مصطلح الحس العددي في الرياضيات كما ذكر ماكنتوش وزملائه
(McIntosh et al ,1997) ، في أمريكا وفي أستراليا والسويد واليابان وتايوان، فقد تعرض إلى الكثير من الأسئلة والاستفسارات إلى جانب البحث والتنقيب بين المهتمين والتربويين والباحثين وواضعي المناهج ودعاة التجديد والإصلاح في الرياضيات، وبالتالي ظهرت أسئلة عديدة مثل ما تعريف الحس العددي ؟ وما مكونات الحس العددي؟
ونتيجة لهذه التساؤلات فقد أٌعطي الحس العددي تعريفا عاما متفقا عليه من قبل بعض المهتمين في مجال تربية الرياضيات كما بينت ريز(Reys.B.J,1992) ، وينص التعريف على أن الحس العددي هو إحساس الإنسان بخصائص الأعداد والعمليات عليها ومعناها وفهم كيف ومتى ولماذا نستعملها، فكما أن أسلوب حل المشكلات يعتبر الأساس في الرياضيات بشكل عام فإن الحس العددي يعتبر الأساس في دراسة الأعداد والحساب الذي يعتمد على الفهم.
ولقد عرف كل من ريز وينج ( Reys & yang , 1998) وماكنتوش وزملائه
(McIntosh et al,1992,1997 ) الحس العددي على انه يعود إلى الفهم العام للأعداد والعمليات، ويشمل ذلك الميل والقدرة في استخدام هذا الفهم بطرق مرنة من أجل إصدار أحكام رياضية وتطوير استراتيجيات مفيدة وفعالة في معالجة الأعداد والعمليات. كما يشمل انطباعات الشخص عن الحس العددي وأن الأعداد عبارة عن شيء له وجود ومعنى وأن الأعداد مفيدة وأن الرياضيات هي طريقة تفكير منظمة ومنطقية.
أما الحس العددي من وجهة نظر جرينو (Greeno,1991) فهو عبارة عن مصطلح يحتاج إلى تحليل نظري بدلا من إعطاءه تعريفا محددا، وهو عبارة عن تفكير مفاهيمي أو استدلالي مفاهيمي بمعنى أن الحس العددي يشتمل على المرونة الحسابية للأعداد والتقدير العددي وإصدار أحكام كمية واستدلالية.
وذهب هوب (Hope,1989) إلى تعريف الحس العددي على أنه عبارة عن سمة مرغوب بها من أجل الرعاية والتنشئة لدى الطلبة. وبالرغم من أن معنى الحس العددي يعود إلى التفكير الرياضي لدى الطلبة، فهو يعرف بصورة عامة ولا يمكن أن يعرف بدقة محددة ولكن يمكن إدراك المواقف التي يفتقد إليها الطلبة للحس العددي. وذكر أنه من السهل معرفة الطالب الذي ليس لديه حس عددي وذلك من خلال تعريضه لاختبارات الحس العددي.
من هنا نرى أن الحس العددي عبارة عن شعور حدسي نحو الأعداد واستخداماتها المختلفة وتفسيراتها، وإدراك عدة مستويات من الدقة عند العمليات الحسابية، والقدرة على تعقب الأخطاء الحسابية، وإحساس عام نحو الأعداد، والحس العددي ليس شيء منته يمتلكه أو لا يمتلكه الطالب، وليس وحدة دراسية يمكن أن تدرس ثم ننتهي منها، بل هو طريقة من طرق التفكير والتي يمكن إكسابها لدى الطالب إذا وجدت طرق تدريس وفرص تعلم مناسبة كما بينت ريز (Reys.B.J,1992).
إن إهمال الفهم في مادة الحساب والعمليات الحسابية يعني بسهولة إهمال الحس العددي في التدريس كما بينت ريز (Ryse.B.J.,1992)، هذا الحس المبني على الفهم أولا ثم تطبيق المهارة والإجراءات ثانيا، اجل هذا الحس يجعل الطالب متيقظا للأعداد والعمليات والنتائج ومعقوليتها، والتي تجعل من الطالب مشرفا ومعلما لنفسه ومساهما في عملية تعلمه.
إن إهمال الحس العددي في التعليم والتدريس، يؤدي إلى إهمال طرق التقويم التي تعتمد على اختبارات الحس العددي، والاكتفاء بأساليب التقويم المتبعة في المقرر فقط دون تجديد أو تطوير أو إثراء. إن الأسئلة الموضوعية في الرياضيات غالبا تتطلب الإجراء والتطبيق دون معنى وفهم ولا تستحث الطلبة على التفكير.
هذه الدراسة تلقي الضوء على العلاقة بين الحس العددي المبني على الفهم والمعرفة للأعداد والعمليات من خلال المعالجة الذهنية والتقديرية وبين الأداء الحسابي المبني على الإجراءات الحسابية الميكانيكية (المعالجة الحسابية الكتابية بالورقة والقلم فقط) 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين