نوف الدوسري
10-11-2011, 05:05 PM
يقدم مركز التميز البحثي في تطوير العلوم والرياضيات بجامعة الملك سعود و بالتعاون مع البروفيسور كارل وايمن الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية وجاىزة نوبل في الفيزياء بعض الاستشارات العلمية الخاصة بتعليم العلوم والرياضيات
اخترت لكم منها استشارتين ..
الاستشارة (4)
كيف يمكن لمدرس مادة العلوم أن يخلق حالات للتفكير الناقد داخل الصف؟ حسب ما أستجد في البحوث، ما هي أنواع النشاطات الصفية التي تشجع الطلاب على استكشاف المواضيع العلمية، وتعزز لديهم ملكة التفكير الناقد؟ ؟لعلوم؟
إن الجانب الأهم لإشراك الطلاب في التفكير الناقد هو أن نجعلهم يتخذون قرارات لها صلة بموضوع الدرس، ومن ثم دعوتهم بعد ذلك للدفاع عن هذه القرارات وشرح موقفهم الذي اختاروه. ولعله من الأسهل أن نبدأ بالبحث عن نوعية النشاطات التي تؤدي إلى تثبيط التفكير الناقد وإضعافه لدى الطلاب. فمثلا، المسائل التي يمكن حلها ببساطة من خلال اختيار المعادلة الصحيحة و/أو الإجراء المناسب ومن ثم تحديد ما إذا كان الحل الرقمي صحيحاً، يمكن أن يثبط التفكير الناقد بنفس القدر عندما يتم إجراء اختبار بسيط حول معرفة الحقائق. وأما المسائل التي ليس لها جواب صحيح واحد وتتضمن طرح الحجج العلمية لدعم الخيارات المحتملة للإجابة، فهي تقوم بتنمية التفكير الناقد. وعادة ما يكون الطلاب أكثر ميلا إلى المشاركة في التفكير الناقد عندما يتناقشون مع أقرانهم حول الإجابات المحتملة أو الممكنة للمسائل، والحجج التي تدعم هذه الإجابات، أكثر من مناقشتها مع المعلمين. والطلاب مهيئون بطبيعة الحال لتقبل ما يقوله المعلم دون نقاش، وعندما يطرح عليهم سؤال بعينه، يقدمون الجواب الذي يريد المعلم أن يسمعه. وهذا يجعل المناقشات القبلية والبعدية الجادة والتحليل الناقد أكثر صعوبة. بينما مع زملائهم الطلاب سيكونون أكثر ميلاً إلى إدارة النقاش بشكل منطقي، واستعراض محاسن ومساوئ الأساليب المختلفة لحل المسائل، وما إذا كان الجواب مفهوماً. ولكن، هذا النوع من النقاش، والذي يؤدي إلى تنمية التفكير الناقد، لا يجري تلقائياً مع الطلبة الآخرين. حيث أن نقاش التحليل الناقد هذا هو شكل غير عادي من أشكال التفاعل الإنساني، وليس بالضرورة أن يكون أغلب الطلاب قد واجهوه من قبل. وحتى ينجح الطلاب ويكونوا أكثر ارتياحاً في ممارستهم لهذا النقاش، لابد من أن نظهر لهم بأن النقاش العلمي الذي قاموا به كان مناسباً. كما يتطلب ذلك إعطاء الطلاب بعض المسائل، بحيث لا تكون الإجابات مجرد أرقام، بل تتضمن أسباب وحجج تدعم الخيارات التي تم تبنيها عند حل المسألة، والسماح بتقديم عدة أجوبة محتملة، إذا كان ذلك ممكناً. ولذلك، هذا النقاش بين الطلاب ينظر إليه على أنه الجزء الذي يعمل على تطوير الحل الذي يتوصلون إليه. وهناك نشاط آخر يشجع التفكير الناقد وهو تكليف الطلاب ببعض المهام التي يذهبون من خلالها إلى مدى أبعد من مجرد تقديم الإجابة، أو حتى قرار مبني على تحليل علمي، وبدلاً من ذلك عليهم أيضاً تطوير معيار يمكن استخدامه في تقييم القرارات. ويجب تقديم مثال بأن يقوم الطلاب بتقديم معيار ضمن حل المسألة يمكن أن يقرر من خلاله أن تبسيط الافتراضات مناسب ومفيد في حل المسائل. والمثال الآخر أن يقدم الطلاب معيار لتحديد أي المعلومات لها علاقة بحل المسالة وأيها ليس علاقة له بالحل. وباختصار، إن القدرة على التفكير الناقد يمكن أن تنمو من خلال تزويد الطلاب بهذه الأنواع من المهام المعقدة، حيث تتطلب الحلول قرارات معينة، وأن التفكير فيها أكثر أهمية من الجواب المحدد، وكذلك التشجيع وإتاحة الفرص للطلاب لكي يتمرنوا على إجاباتهم وتنقية تفكيرهم بالتوصل إلى قرارات علمية من خلال النقاش مع زملائهم. .
الاستشارة (3)
ما هي أهمية الواجب المنزلي في تعزيز مستوى تحصيل الطلاب واهتمامهم في مادة العلوم ؟ وهل الدور الذي يؤديه الواجب المنزلي يختلف في الفصول الدنيا عنه في مستوى الدراسة الجامعية؟ وهل هناك ثمة تحسينات يمكن أن تطرأ على تعلم الطلاب إذا ما تم الانتقال من الواجب المنزلي التقليدي إلى نظام أكثر تفاعلاً (كالواجب المنزلي عبر الإنترنت، على سبيل المثال) ؟لعلوم؟
إن التأثير على اهتمام الطلاب بمادة العلوم لم يتم إخضاعه لدراسة مفصلة، ولكنه على ما يبدو يعتمد بشكل أساسي على طبيعة الواجب المنزلي.
فالواجب المنزلي، إذا ما افترضنا أنه تم تصميمه وإعداده بطريقة ملائمة، لديه تأثير واضح على تحسن التحصيل والتعلم لدى الطالب في مادة العلوم. والعديد من الدراسات أكدت هذه الحقيقة. وهو أمر مفهوم جداً من منظور علم النفس الإدراكي. وقد بينت بعض الدراسات في علم النفس الإدراكي أن العناصر الأكثر أهمية في الإحاطة بأي مادة وإتقانها، ولاسيما مادة العلوم، هي وجود فرصة للمطالعة والممارسة المكثفة والمتكررة، مع إبداء الملاحظات والتعليقات حول الواجب المنزلي. ويعتبر الواجب المنزلي أفضل فرصة يمكن أن تتاح للطالب لكي يقوم بالتركيز ولفترة زمنية كافية في اطلاعه الفكري. وعند استخدام الواجب المنزلي، يجب أن يكون الهدف منه هو دفع الطالب وتشجيعه على التفكير في المسائل وحلها كما يفعل العلماء. وأداء الواجب المنزلي بهذه الطريقة ينمي قدرات الطلاب في حل المسائل والتفكير فيها كالعلماء. ومع أن الممارسة والمطالعة المستمرة أمر جيد، إلاّ أن الشيء الأكثر فاعلية في هذا الشأن هو أن تكون هناك تغذية راجعة من الملاحظات والتعليقات المناسبة التي تساعد الطلاب على التعرف على الجوانب التي كان أداؤهم فيها جيداً، والجوانب التي لا تزال في حاجة إلى تحسن.
ومن هنا يتبين لنا نوع الواجب المنزلي الأكثر فاعلية- يجب أن لا يكون مجرد ممارسة روتينية يقوم الطلاب من خلالها بممارسة الشيء نفسه ولمدة طويلة دون تغيير، مما يحيل الأمر إلى ممارسة تلقائية لا تحتاج إلى شيء يذكر من الجهد العقلي. وهذا لا يؤدي إلى أي تحسن يذكر. وبطبيعة الحال، المسائل يجب أن لا تكون صعبة جداً. فإذا لم يتمكن الطلاب من إحراز تقدم حتى مع محاولاتهم حل المسائل الصعبة، فلن يتعلموا شيئاً من ذلك. ولكن حل المسائل الصعبة بشكل متكرر والتي تدفع الطالب إلى التفكير لفترة طويلة بحثاً عن الحل، تعتبر العنصر الأكثر أهمية في التعلم. وقد أثبتت البحوث العلمية صحة هذه الحقيقة بالنسبة لجميع المستويات الدراسية من أدنى الفصول إلى مرحلة الجامعة. ويمكنني القول أن الواجب المنزلي الجيد يعد من أهم العناصر التي تسهم في تعلم الطالب.
هناك عدة دراسات قامت بالمقارنة بين الواجب المنزلي التقليدي والواجب المنزلي عبر الإنترنت. وطالما أنه يتم التعامل مع كلا الطريقتين بنفس الأسلوب، ويتلقى الطلاب نفس النوع من الملاحظات والتعليقات على الطريقتين، فإن أغلب هذه الدراسات أشارت إلى عدم وجود أية اختلافات تذكر في مستوى التحصيل لدى الطلاب في كلا الطريقتين للواجب المنزلي. وهناك دراسات قليلة قامت باستخدام واجبات منزلية "ذكية جداً" قائمة على الإنترنت تقدم للطلاب أنواع متطورة من التعليقات والملاحظات. وفي حالات قليلة تبدو هذه الأنظمة متفوقة إلى حد ما على الواجب المنزلي التقليدي، ولكن فقط عندما يكون النظام متطوراً وبالتالي يكون دقيقاً في تقييم مستوى التفكير لدى الطلاب. والقليل جداً من أنظمة الواجب المنزلي القائمة على الانترنت المستخدمة حالياً متطورة بشكل كاف لتثبت تفوقها على الطريقة التقليدية. ولذلك، فإن أفضل الأدلة المتوفر في الوقت الحاضر تشير إلى أن الطريقة التقليدية للواجب المنزلي وتلك التي تقوم على الإنترنت، إذا ما تم تصميم المسائل بطريقة جيدة وتلقى الطلاب ملاحظات وتعليقات معقولة من خلال عملية تصحيح حلول المسائل التي يقدمونها ، تؤديان إلى نتائج متساوية في تحسن مستوى التعلم لدى الطلاب. ومع ذلك، هناك احتمال كبير مع تطور أنظمة الواجب المنزلي القائم على الإنترنت وذلك عندما تصبح أكثر قدرة على جعل المسائل والملاحظات والتعليقات تتكيف مع الاحتياجات المحددة لكل طالب، فستحقق نتائج متفوقة.
وهناك عناصر أخرى تبدو مفيدة وهي أن تجعل لدرجات الطالب في الواجب المنزلي دوراً مهماً في تحديد درجات الطالب في الفصل الدراسي، وبالتالي يتعامل معها الطلاب بجدية أكثر. كذلك أجعل المسائل التي تعطى في الامتحان مشابهة إلى حد كبير لنوعية المسائل التي أعطيت للطلاب في الواجب المنزلي، وأطلب أداء الواجب المنزلي بانتظام بشكل أسبوعي أو نصف شهري، بحيث يقوم الطلاب بتوزيع الوقت الذي ينفقونه في حل الواجب المنزلي. وهذه العناصر تسهم في الاحتفاظ بالتعليم على المدى البعيد. ومن خلال فصولي الدراسية، وجدت أن بذل شيء من الجهد لإيجاد سياق لمسائل الواجب المنزلي بحيث ينظر الطالب إلى الجواب على أنه مفيد بالنسبة له، كان له أثر كبير. حيث أن الطلاب يعتقدون أن حل هذه المسائل سيكون مفيداً لهم في حياتهم المستقبلية، بدلاً من النظر إلى مسائل الواجب المنزلي على أنها مجرد مضيعة للوقت هدفها الوحيد هو مضايقة وإرهاق طلاب مادة الفيزياء. وبقليل من العمل، يمكن للمرء أن يأخذ مسألة قياسية من الكتاب المدرسي ويضعها في سياق ذي معنى، وعندئذ سيكون الطلاب أكثر استعداداً لأداء الواجب المنزلي، وسيجدونه أكثر قيمة.
أ.د. كارل وايمن
الحائز على جائزة الملك فيصل للعلوم
وجائزة نوبل في الفيزياء
المصدر : مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات
http://ecsme.ksu.edu.sa/index.cfm?method=home.cat&Categoryid=30
اخترت لكم منها استشارتين ..
الاستشارة (4)
كيف يمكن لمدرس مادة العلوم أن يخلق حالات للتفكير الناقد داخل الصف؟ حسب ما أستجد في البحوث، ما هي أنواع النشاطات الصفية التي تشجع الطلاب على استكشاف المواضيع العلمية، وتعزز لديهم ملكة التفكير الناقد؟ ؟لعلوم؟
إن الجانب الأهم لإشراك الطلاب في التفكير الناقد هو أن نجعلهم يتخذون قرارات لها صلة بموضوع الدرس، ومن ثم دعوتهم بعد ذلك للدفاع عن هذه القرارات وشرح موقفهم الذي اختاروه. ولعله من الأسهل أن نبدأ بالبحث عن نوعية النشاطات التي تؤدي إلى تثبيط التفكير الناقد وإضعافه لدى الطلاب. فمثلا، المسائل التي يمكن حلها ببساطة من خلال اختيار المعادلة الصحيحة و/أو الإجراء المناسب ومن ثم تحديد ما إذا كان الحل الرقمي صحيحاً، يمكن أن يثبط التفكير الناقد بنفس القدر عندما يتم إجراء اختبار بسيط حول معرفة الحقائق. وأما المسائل التي ليس لها جواب صحيح واحد وتتضمن طرح الحجج العلمية لدعم الخيارات المحتملة للإجابة، فهي تقوم بتنمية التفكير الناقد. وعادة ما يكون الطلاب أكثر ميلا إلى المشاركة في التفكير الناقد عندما يتناقشون مع أقرانهم حول الإجابات المحتملة أو الممكنة للمسائل، والحجج التي تدعم هذه الإجابات، أكثر من مناقشتها مع المعلمين. والطلاب مهيئون بطبيعة الحال لتقبل ما يقوله المعلم دون نقاش، وعندما يطرح عليهم سؤال بعينه، يقدمون الجواب الذي يريد المعلم أن يسمعه. وهذا يجعل المناقشات القبلية والبعدية الجادة والتحليل الناقد أكثر صعوبة. بينما مع زملائهم الطلاب سيكونون أكثر ميلاً إلى إدارة النقاش بشكل منطقي، واستعراض محاسن ومساوئ الأساليب المختلفة لحل المسائل، وما إذا كان الجواب مفهوماً. ولكن، هذا النوع من النقاش، والذي يؤدي إلى تنمية التفكير الناقد، لا يجري تلقائياً مع الطلبة الآخرين. حيث أن نقاش التحليل الناقد هذا هو شكل غير عادي من أشكال التفاعل الإنساني، وليس بالضرورة أن يكون أغلب الطلاب قد واجهوه من قبل. وحتى ينجح الطلاب ويكونوا أكثر ارتياحاً في ممارستهم لهذا النقاش، لابد من أن نظهر لهم بأن النقاش العلمي الذي قاموا به كان مناسباً. كما يتطلب ذلك إعطاء الطلاب بعض المسائل، بحيث لا تكون الإجابات مجرد أرقام، بل تتضمن أسباب وحجج تدعم الخيارات التي تم تبنيها عند حل المسألة، والسماح بتقديم عدة أجوبة محتملة، إذا كان ذلك ممكناً. ولذلك، هذا النقاش بين الطلاب ينظر إليه على أنه الجزء الذي يعمل على تطوير الحل الذي يتوصلون إليه. وهناك نشاط آخر يشجع التفكير الناقد وهو تكليف الطلاب ببعض المهام التي يذهبون من خلالها إلى مدى أبعد من مجرد تقديم الإجابة، أو حتى قرار مبني على تحليل علمي، وبدلاً من ذلك عليهم أيضاً تطوير معيار يمكن استخدامه في تقييم القرارات. ويجب تقديم مثال بأن يقوم الطلاب بتقديم معيار ضمن حل المسألة يمكن أن يقرر من خلاله أن تبسيط الافتراضات مناسب ومفيد في حل المسائل. والمثال الآخر أن يقدم الطلاب معيار لتحديد أي المعلومات لها علاقة بحل المسالة وأيها ليس علاقة له بالحل. وباختصار، إن القدرة على التفكير الناقد يمكن أن تنمو من خلال تزويد الطلاب بهذه الأنواع من المهام المعقدة، حيث تتطلب الحلول قرارات معينة، وأن التفكير فيها أكثر أهمية من الجواب المحدد، وكذلك التشجيع وإتاحة الفرص للطلاب لكي يتمرنوا على إجاباتهم وتنقية تفكيرهم بالتوصل إلى قرارات علمية من خلال النقاش مع زملائهم. .
الاستشارة (3)
ما هي أهمية الواجب المنزلي في تعزيز مستوى تحصيل الطلاب واهتمامهم في مادة العلوم ؟ وهل الدور الذي يؤديه الواجب المنزلي يختلف في الفصول الدنيا عنه في مستوى الدراسة الجامعية؟ وهل هناك ثمة تحسينات يمكن أن تطرأ على تعلم الطلاب إذا ما تم الانتقال من الواجب المنزلي التقليدي إلى نظام أكثر تفاعلاً (كالواجب المنزلي عبر الإنترنت، على سبيل المثال) ؟لعلوم؟
إن التأثير على اهتمام الطلاب بمادة العلوم لم يتم إخضاعه لدراسة مفصلة، ولكنه على ما يبدو يعتمد بشكل أساسي على طبيعة الواجب المنزلي.
فالواجب المنزلي، إذا ما افترضنا أنه تم تصميمه وإعداده بطريقة ملائمة، لديه تأثير واضح على تحسن التحصيل والتعلم لدى الطالب في مادة العلوم. والعديد من الدراسات أكدت هذه الحقيقة. وهو أمر مفهوم جداً من منظور علم النفس الإدراكي. وقد بينت بعض الدراسات في علم النفس الإدراكي أن العناصر الأكثر أهمية في الإحاطة بأي مادة وإتقانها، ولاسيما مادة العلوم، هي وجود فرصة للمطالعة والممارسة المكثفة والمتكررة، مع إبداء الملاحظات والتعليقات حول الواجب المنزلي. ويعتبر الواجب المنزلي أفضل فرصة يمكن أن تتاح للطالب لكي يقوم بالتركيز ولفترة زمنية كافية في اطلاعه الفكري. وعند استخدام الواجب المنزلي، يجب أن يكون الهدف منه هو دفع الطالب وتشجيعه على التفكير في المسائل وحلها كما يفعل العلماء. وأداء الواجب المنزلي بهذه الطريقة ينمي قدرات الطلاب في حل المسائل والتفكير فيها كالعلماء. ومع أن الممارسة والمطالعة المستمرة أمر جيد، إلاّ أن الشيء الأكثر فاعلية في هذا الشأن هو أن تكون هناك تغذية راجعة من الملاحظات والتعليقات المناسبة التي تساعد الطلاب على التعرف على الجوانب التي كان أداؤهم فيها جيداً، والجوانب التي لا تزال في حاجة إلى تحسن.
ومن هنا يتبين لنا نوع الواجب المنزلي الأكثر فاعلية- يجب أن لا يكون مجرد ممارسة روتينية يقوم الطلاب من خلالها بممارسة الشيء نفسه ولمدة طويلة دون تغيير، مما يحيل الأمر إلى ممارسة تلقائية لا تحتاج إلى شيء يذكر من الجهد العقلي. وهذا لا يؤدي إلى أي تحسن يذكر. وبطبيعة الحال، المسائل يجب أن لا تكون صعبة جداً. فإذا لم يتمكن الطلاب من إحراز تقدم حتى مع محاولاتهم حل المسائل الصعبة، فلن يتعلموا شيئاً من ذلك. ولكن حل المسائل الصعبة بشكل متكرر والتي تدفع الطالب إلى التفكير لفترة طويلة بحثاً عن الحل، تعتبر العنصر الأكثر أهمية في التعلم. وقد أثبتت البحوث العلمية صحة هذه الحقيقة بالنسبة لجميع المستويات الدراسية من أدنى الفصول إلى مرحلة الجامعة. ويمكنني القول أن الواجب المنزلي الجيد يعد من أهم العناصر التي تسهم في تعلم الطالب.
هناك عدة دراسات قامت بالمقارنة بين الواجب المنزلي التقليدي والواجب المنزلي عبر الإنترنت. وطالما أنه يتم التعامل مع كلا الطريقتين بنفس الأسلوب، ويتلقى الطلاب نفس النوع من الملاحظات والتعليقات على الطريقتين، فإن أغلب هذه الدراسات أشارت إلى عدم وجود أية اختلافات تذكر في مستوى التحصيل لدى الطلاب في كلا الطريقتين للواجب المنزلي. وهناك دراسات قليلة قامت باستخدام واجبات منزلية "ذكية جداً" قائمة على الإنترنت تقدم للطلاب أنواع متطورة من التعليقات والملاحظات. وفي حالات قليلة تبدو هذه الأنظمة متفوقة إلى حد ما على الواجب المنزلي التقليدي، ولكن فقط عندما يكون النظام متطوراً وبالتالي يكون دقيقاً في تقييم مستوى التفكير لدى الطلاب. والقليل جداً من أنظمة الواجب المنزلي القائمة على الانترنت المستخدمة حالياً متطورة بشكل كاف لتثبت تفوقها على الطريقة التقليدية. ولذلك، فإن أفضل الأدلة المتوفر في الوقت الحاضر تشير إلى أن الطريقة التقليدية للواجب المنزلي وتلك التي تقوم على الإنترنت، إذا ما تم تصميم المسائل بطريقة جيدة وتلقى الطلاب ملاحظات وتعليقات معقولة من خلال عملية تصحيح حلول المسائل التي يقدمونها ، تؤديان إلى نتائج متساوية في تحسن مستوى التعلم لدى الطلاب. ومع ذلك، هناك احتمال كبير مع تطور أنظمة الواجب المنزلي القائم على الإنترنت وذلك عندما تصبح أكثر قدرة على جعل المسائل والملاحظات والتعليقات تتكيف مع الاحتياجات المحددة لكل طالب، فستحقق نتائج متفوقة.
وهناك عناصر أخرى تبدو مفيدة وهي أن تجعل لدرجات الطالب في الواجب المنزلي دوراً مهماً في تحديد درجات الطالب في الفصل الدراسي، وبالتالي يتعامل معها الطلاب بجدية أكثر. كذلك أجعل المسائل التي تعطى في الامتحان مشابهة إلى حد كبير لنوعية المسائل التي أعطيت للطلاب في الواجب المنزلي، وأطلب أداء الواجب المنزلي بانتظام بشكل أسبوعي أو نصف شهري، بحيث يقوم الطلاب بتوزيع الوقت الذي ينفقونه في حل الواجب المنزلي. وهذه العناصر تسهم في الاحتفاظ بالتعليم على المدى البعيد. ومن خلال فصولي الدراسية، وجدت أن بذل شيء من الجهد لإيجاد سياق لمسائل الواجب المنزلي بحيث ينظر الطالب إلى الجواب على أنه مفيد بالنسبة له، كان له أثر كبير. حيث أن الطلاب يعتقدون أن حل هذه المسائل سيكون مفيداً لهم في حياتهم المستقبلية، بدلاً من النظر إلى مسائل الواجب المنزلي على أنها مجرد مضيعة للوقت هدفها الوحيد هو مضايقة وإرهاق طلاب مادة الفيزياء. وبقليل من العمل، يمكن للمرء أن يأخذ مسألة قياسية من الكتاب المدرسي ويضعها في سياق ذي معنى، وعندئذ سيكون الطلاب أكثر استعداداً لأداء الواجب المنزلي، وسيجدونه أكثر قيمة.
أ.د. كارل وايمن
الحائز على جائزة الملك فيصل للعلوم
وجائزة نوبل في الفيزياء
المصدر : مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات
http://ecsme.ksu.edu.sa/index.cfm?method=home.cat&Categoryid=30