المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خربشات وردة



فيفي
10-19-2009, 06:50 PM
هذه السنة الرابعة لي في مجال التدريس

ما زلت غير راضية عن أدائي المهني خلالها , لكني أحاول


عبر هذا المتصفح , سأبحر بكم في عالمي الخاص , عبر تأملاتي ومذكراتي المدرسية ,

سأبدا بالقديم , ثم أضيف الجديد بعده يدون خطاي مع رحلة التطوير بإذن الله .


أتمنى لكم رحلة ممتعة معي .



وبسم الله أبدأ

فيفي
10-19-2009, 06:55 PM
1425هـ
تجربتي الأولى في التدريس .


اشتقت لمعملي الصغير في مدرستي القروية ,برغم صغر مساحته وافتقاره لوسائل السلامة كما المعامل الكبيرة المتطورة, إلا أن بيني وبينه ود قد لا أجدها في تلك ,برغم ما حطمت فيه وخربت .



لقد قامت طالباتي بترتيبه بطريقة رائعة جعلت العمل فيه ممتعا ومريحا ..تلك كانت سمتهن بنات القرية يحببن المبادرة والخدمة .


في الربع الأول من القرن الخامس عشر الهجري ,تمت توليتي مهمات التدريس بمدرسة متوسطة وثانوية تحتضنها طبيعة خلابة .


أذكر الطريق التي سلكناها لنصل إليها ,مستقمية معبدة ,مع انحناءات والتواءات ,منطقة ترابية تجعلك في وضع الاهتزاز ,ثم انخفاضات وارتفاعات مرورا بمنطقة الوادي المائية التي اتمتع فيها برؤية الماشية وهي ترد الماء ,وأخيرا نصل إلى بوابة المدرسة .مع تلك الحال أوشكت على التذمر ولكني تذكرت قول الدكتورة إيمان ونحن في الكلية (اخشوشنوا ) ,فخفف ذلك من معاناتي من تلك الطريق .



كانت مهمتي وقتها إنهاء ست مقررات دراسية من الغلاف للغلاف لأربع مراحل في وقت قياسي وهو قرابة الشهر .إذ كان الفصل الدراسي الأول في نهايته ,ولكني كنت على وعد بتقاسم المهمة مع معلمة أخرى لم تحضر بعد .



انتهى الفصل الأول بعد مكابدة .تنفست الصعداء لأبدا مشوار الفصل الثاني ,بالطبع سيكون مختلفا عن رفيقه الأول .



في يوم النشاط خيرت بين نشاطين ,فاخترت الزراعة لا لأني أميل إليه ولكن لكوني استطيع النجاح فيه أما الآخر فأنا لم أحبذه بالكلية .
بالطبع ستكون معلمة العلوم الأخرى بمشاركتي .




اجتمعت الطالبات عضوات الزراعة بالمكان المخصص ,تم طرح الموضوع وفكرته وهو إنشاء حديقة مصغرة في المدرسة ( المدرسة مستأجرة ومساحتها جدا صغيرة ).

تمت الموافقة ,وبقي التخطيط والتصميم للشكل طبعا بعد تحديد نوع النباتات التي سوف يتم زراعتها ,قسمن لمجموعتين وترك لهن حرية التصميم .بعد فراغهن من ذلك عرض النموذجان ليتم التصويت على أحدهما فتم الاختيار .
انتقلنا لأرض المشروع لمباشرة العمل اليدوي .




ولكن ,كانت هناك صدمتنا .




الأرض لا تصلح للزراعة ,هذا ما قيل لنا وما تناقلته الأفواه فاضطربت مسامعنا بهذا النبأ المؤلم .
كل المحاولات في السنوات الماضية لإنجاح مشروع الزراعة تفشل ! والسبب مجهول ؟
نحن الآن في موقف حرج ولابد من اتخاذ القرار ,هل نمضي أم نتراجع ؟




ولكن الغريب في الأمر أن هناك أشجار بالمدرسة ونباتات , فلا يعقل أن تكون الأرض غير صالحة .ولكن لماذا فشلت محاولات من كان قبلنا ؟
لم تطل مدة التفكير ,تم اتخاذ القرار بسرعة !




سيتم إنفاذ المشروع
لا أدري أهو رغبة التحدي أم النجاح , أم عدم اقتناع باستحالة الأمر لأن هناك شاهد على أن الأمر ليس بمستحيل . وكل ما هنالك مشكلة تحتاج إلى حل .
تم معاينة الموقع ,مليء بالأعشاب الضارة, وقطع أحجار البناء و الأرض كانت موقعا لأعمال البناء وتجهيز خلطات الأسمنت .
فكانت المهمة الأولى , التخلص من الأعشاب الضارة وباقي مخلفات البناء , ثم نقوم بحرث الأرض .
واجهتنا مشكلة لايوجد أدوات للحفر وحرث الأرض أو تقطيع الأعشاب .لن نتراجع لابد من التفكير في البديل
.




وجدناها ,لقد كانت أدوات المطبخ الخاصة بالتدبير المنزلي ,ملاعق وأشواك وأسياخ شوي ,هذا بالإضافة إلى قطع من الخشب قد غرست بها مسامير ,وكذلك الأحجار ,تلك كانت أدواتنا الزراعية .




وبدأ العمل



,بالطبع ما كل المشتركات كن يعملن فكان لا بد من تحفيزهن , وتحريضهن . لذا قمت بمشاركة الطالبات أعمال الحفر فهذا يحفزهن أكثر على المواصلة والعمل .




تم تهيئة الأرض لضيوفها أخيرا .بعد وقت طويل نسبيا من الإعداد لذلك , رسم التصميم على مساحتها ووضعت حدودها , وتبقى استقبال الزوار الجدد .




كانت الطالبات سعيدات بهذا العمل ,حتى من ليس من نشاطنا , لذا رغب فصل الأول ثانوي الذي أدرسه تحدينا بزراعة الجانب الآخر من المدرسة ,وتم قبول التحدي ,وجرت المنافسة على قدم وساق . لقد سررت بهذا الموقف منهن فله مردوده الإيجابي بغض النظر عمن سيكون الفائز .


أحضرت مجموعة من النباتات التي اتفق على زراعتها , كانت في مجملها نباتات عطرية تنبت في تلك المنطقة ,ريحان ونبات وبري نسميه (شار ) هذا بالإضافة إلى نوع من الورود التي تنتشر بشكل أفقي ( ورد الصباح ).
تم غرسها وفق التصميم المعد سلفا .واتفق على جدول سقياها ومن سيتولى ذلك .
بالنسبة للفريق المنافس فقد كان يعمل بجد , ويرمينا بعبارات التحدي , ولكن العبرة بمن يضحك آخرا .


الركن الثاني من نجاح عملنا بذلنا فيه ما أمكننا , فيتبقى لنا الركن الأول ,

إنه التوكل .


علمت أن إحداهن , دعت الله أن ينجح العمل في آخر ساعة في ليلة من الليالي . وكما نعلم سهام الليل لا تخطئ .
وبهذا تكون أركان النجاح قد أكتملت , وليس أمامنا سوى ترقب النتيجة .



بعد انتظار , أصبنا بخيبة أمل .
لقد ذبلت النباتات والشجيرات ,كان وقع الأمر أليما ,فهذا نبأ بفشل المشروع .وكل ما عملناه سيذهب هباء .مشاعر سلبية أصابتنا ونحن نرى منظر النباتات الذابل ,ولكن ما باليد حيلة تجاه هذا الأمر .



انقطعنا عن المدرسة أباما بسبب الإجازة ثم رجعنا ,
لنجد الأرض قد أصابها مطر السماء .




ولامست قطراته ورق الشجر

لنجد أن الله عز وجل لم يخذلنا , وتعب الأيام لم يذهب سدى ,كذلك الحال بالنسبة للفريق المنافس .


ها هو الريحان قد استقام عوده , وتفرعت أغصانه ,وأخضرت أوراقه . والشار يسرك بملمسه الوبري وتزايد أوراقه , ولا أنسى ما أبهج مقلتي بجماله وروعة ألوانه

إنه ورد الصباح .

بحر العطاء
10-20-2009, 12:37 AM
رائع
ماأجملها من خربشات ....ذكرتنا جميعا بالماضي
لازلت بداية عهد بالتدريس فكيف هن القدم ؟؟؟؟؟؟؟؟
اكملي.. كلنا عيون تقرأ

فيفي
10-21-2009, 03:45 PM
رائع
ماأجملها من خربشات ....ذكرتنا جميعا بالماضي
لازلت بداية عهد بالتدريس فكيف هن القدم ؟؟؟؟؟؟؟؟
اكملي.. كلنا عيون تقرأ

شرفني حضورك هنا .
وسعيدة بتواجدك العطر

فأهلا وسهلا .:)

فيفي
10-21-2009, 03:54 PM
رجعت للتدريس بعد قرابة الثلاث سنوات , حيث كنت على بند التعاقد مدة سنتين ثم لم يجدد العقد بعدها , لأعين رسميا معلمة في إحدى القرى في منطقة جبلية خلابة .


شارف الفصل الدراسي الأول للعام المنصرم بالانقضاء حين تسلمت خطابي وتوجهت لمدرستي . كالعادة مقررات لم تدرس بعد تحمل على كاهلي من جديد فقد كلفت بتدريس الرياضيات , حتى أكون أبعد ما يكون عن تدريس الصف الأول الابتدائي إذ لا خيار أماي سوى الاثنين .




يوم السبت كان اجتماعنا الأول ,فيه سيلقى على كاهلنا مزيد من أعباء مهنتنا .

الورقة في يد المديرة ونحن حقلة حولها قد تشكلنا بانتظار قنابل المدفعية تصوب نحونا .

كنت بانتظار سماع دوي انفجار القنبلة الخاصة بي .

وهاهي ساعة الصفر قد حانت .



( فيفي )



زهرات المدرسة الصغيرات قد أصبحن بين يديك .

علميهن الأرقام , والصعود بها والهبوط ,لا تنسي الصفر فهو قيمة عظيمة .

وأخبريهن أن الله واحد .

ووالدينا اثنين ,

وصلواتنا خمس ,

وأيامنا سبعة ,

وشهورنا تسعة .



تلك كانت ................... مهمتي الجديدة , مع رياضيات أخرى .

أظن في هذه المدرسة سيغير اختصاصي العلمي جبرا .




خرجت من غرفة المديرة ,والبال مشغول مهموم , لم استطع معه شرح الدروس فقلبت الحصص إلى تقويم .



عدت لمنزلي ,أجر معي همي وغمي , وفي فترة المساء جاورت أمي على شاشة التلفاز ننظر أخبار حملة الخير ,لأهلنا بالأرض المسلوبة المنكوبة .


مشاهد إسلامية إنسانية رائعة ,صور للعطاء جذابة ,ممزوجة بأحاديث عذبة رقيقة تمس القلوب التي ما زالت تنبض بالحياة ,لتلين فتصدر الأمر للعين واليد أن جودا ولا تبخلا .


حينها وجدت بالقلب رقة وحنانا ,وانجلى عنه همه وغمه ,فانقلبت نحو كتبي وأوراقي لأعد الدروس لزهراتي ليوم الأحد التالي,و الذي كنت انتقل فيه من حديقة لأخرى ,حتى وصلت أخيرا لتلك التي مازالت زهراتها جد صغيرات .



دخلتها فوجدت أني في عالم آخر غريب ,يا الله هبوط شديد في المستوى العقلي .سبحان الله كنا كذلك ,كبرنا وكبرت معنا عقولنا .تأملتهن وكيف سيصبحن في المستقبل .عجيب أمر بني آدم سبحان الله .


مواقف طريفة عايشتها معهن ,تلك تناديني شاكية فلانة أخذت ممحاتي ,وأخرى تشد تنورتي تحدثني بشكوى لم أفهمها وأنا أعيدها لمقعدها وإذا بها المسكينة لا تجد متسعا لها لتجلس فزميلاتها ضيقن عليها النطاق بطاولاتهن . وأكثر ما يزعجني كثرة الترداد على دورة المياه ففي الغالب هي حيلة للخروج يتبعنها ,سمحت لإحداهن بالخروج وحين أخبرتني بانعدام الماء أتخذتها حيلة لكل من أرادت ذلك .


انتهت الحصة ,ولم تنته مغامرتي معهن ,اتجهت صوب غرفتنا نحن المعلمات بعد أن انهيت يوما دراسيا مكدسا بالحصص ,ولكن في الحقيقة .......................................كنت جد سعيدة .




في يوم الاثنين كنت على مفاجأة مع الصف أول لم أحسب حسابها .
الموعد هو الحصة الرابعة بعد فسحة الإفطار.



درسنا عن الرقم تسعة,كنت قد أعددت وجوها تعبيرية عن الحزن الفرح والغضب لاستغلها في تعاملي مع عقول الصغيرات .

دخلت عليهن ملقية السلام , ولم أكن أعلم أني سأخوض معهن حربا ضروس ؛

لقد أتين للفصل محملات بطاقة هائلة من النشاط ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) .

كانت الفوضى تعم المكان ,حاولت تهدئة الوضع فسكن قليلا ,وبدأت معهن فصول درسي .

ولكن سميرة وصالحة لم تمكنناني من ذلك .

سميرة : أستاذة , صالحة أخذت فطوري .

سألت صالحة فأجابتني بالنفي , ولكن سميرة تؤكد وصالحة تؤكدالنفي ,ياإلهي ما أصنع ؟

قلت لسميرة ساشتري لك فطورا غيره ,احتال عليها لأنهي الإشكال وأنهي درسي أيضا .

ولكنها رفضت تريد فطورها الخاص بها .ومن أين آتي لها به الآن . حاولت الإقناع وعدت لضبط الفصل الذي عمته الفوضى ,كنت ما زلت في طور الهدوء . ولكن بدأ الدم بعدها بالغليان

هددتهن بأن الرقم الضيف سيغضب منهن ووضعت تعبير ذلك على السبورة فاستجبن أخيرا وهدأن .


تابعت عملي ولكن صالحة كانت في واد آخر هي وسميرة ,آه لو رأيتم وهن في حالة صفاء وود .

أخذت أناديها (صالحة ) ولكنها ضربت بكل ما قلت عرض الحائط ولم تلق له بالا, ذهبت نحوهما لأنظر ما تفعلان إحداهما تلون في كتاب الأخرى ,أ(مر طبيعي لمثل هذا السن) حاولت جذب انتباههما بلطف نحو الدرس , لم تستجيبا وكانت صالحة هي مصدر الإشكال الأول فاضطررت لنقلها من مكانها .


يا الله على شدة عنادها ورفضها , لم أقابل في حياتي كلها طالبة لا تستجيب لأمري وتصر على رأيها مثلك يا صالحة , فكانت تصر وأنا أصر , وتعالوا معي انظروا لفوضى عمت المكان برمته .


حاولت مجددا التهديد بغضب الرقم منهن ,فكنت في موقف الأبله هذه المرة معهن ,فالحيلة لم تنطلِ عليهن ,فكيف لرقم أن يغضب .
أسلحتي للمقاومة لم تفلح مع صالحة , حينها كان لا بد من استخدام نقطة ضعف العدو للانتصار عليه .

إنه سلاح قوي يشل كل قوى العدو .................................................. ..............................الحلوى .

همست في أذنها إن استجبت لمطلبي فسأحضر لك معي غدا حلوى ,على الفور أجابت أريدها الآن . (من أين لي بالحلوى الآن يا صالحة؟ )
احتلت عليها حتى وافقت أخيرا وهدأت .



ولكن سميرة ما زالت مصرة على أن تأخذ فطورها من عند صالحة.



وأخيرا هدأتا,لتقوم أخيرتان بإشكال جديد .

فلانة أخذت ممحاتي , وتذهب وردة الصباح لتفض النزاع بينهما , ولكن هناك من يناديها من الخلف فلانة ( طقت )فلانة وتتوالى الشكوى في ذلك . ويتعالى النحيب على الممحاة المسروقة .




وأخيرا سمعت الصافرة ,خرجت من تلك (الحديقة الغناء ) لتدخلها واحدة غيري .

ولم أنس حلوى صالحة .


قلت للمساعدة أريد لقائي مع الصف الأول وهن لم يتفتحن بعد .:mad:

فيفي
10-21-2009, 04:04 PM
هنا عودة لأحضان الجبال


في الفصل الثاني للعام الدراسي المنصرم


ولكن ليس مع زهرات صغيرات ,

فقد ارتقيت قليلا .


معلمة العلوم في إجازة طويلة , فقد وضعت مولودا جديدا ,

لذا ينبغي علينا معلمات العلوم القيام بالتدريس نيابة عنها لحين مجيئها بإذن الله .


كان من نصيبي تدريس العلوم للصف الثاني متوسط , لقد ابتهجت لأني سأخرج من الرياضيات التي جثمت على صدري .



جميلة موضوعات الدروس , فهي تعنى بالبيئة


دراسة نظام بيئي مغلق .




موضوع ضمن مخطط الدراسة للفصل الثاني حول البيئة .


ينبغي توفر نموذج حي حتى يتسنى للطالبات دراسة هكذا نوع من الأنظمة البيئية .

الإمكانات المتاحة لعمل هذا النموذج غير متوفرة , وكان لابد من البحث عن بديل يحل محل الأول , بالطبع سيكون مرئيا مسموعا ولكن ليس ملموسا .


حاولت البحث عن برامج حاسوبية تحاكي حوض الأسماك المائي المغلق المراد دراسته . حصلت عليه بعد عناء من البحث , فقد أهدته لي أختي الحبيبة نجمة ,


ولكن كان ينقصه بعض العناصر حتى تكتمل كافة جوانب الدراسة .

كنت مع لقاء متجدد مع الرائعة ست وفاء( معلمة كيمياء أردنية ) التي لا تألو جهدا في توجيهي وإثرائي بالمفيد , فجزاها الله عني ألف خير على كل ما تقدمه لي ,


أطلعتها على الأمر ,فقالت مشيرة علي برأيها ( أن اجعلي الطالبات يصنعن تلك الأحواض ) .
تبنيت الفكرة وخاصة أنها ستلقى قبولا لدى طالباتي .

دخلت في دهاليز الدرس أريد الأبواب والمخارج , أصابني التيه فيه فحاولت جمع أفكاري الضائعة ,فقد أردت الخروج منه بأفضل النتائج , ولكن صعب علي التركيز ولملمة الأفكار المشتتة .


كان علي توفير متطلبات العمل للطالبات , لم يتوفر لي سوى نوع واحد , عزائي إمكانية توفر الباقي في المدرسة .


جاء يوم التنفيذ .


جمعت الطالبات في المخبر حتى يتسنى لهن العمل ..
وقفت أمامهن ,


ألجمت وقتها عن الحديث والبدء بالدرس .!


تأزم الحال , يا إلهي كيف أبدا وما أقول ؟
فتحت حاسوبي لأريهن حوض السمك ( صعب علي توفير جهاز للعرض ) .


دهشن بالمنظر الرائع .


-وجهت الخطاب لمجموعة البيئة المائية بأنا سنحل ضيوفا عندهن اليوم .
ولكن المكان الذي سنحل فيه ليس بحرا بل مجرد حوض سمك صغير مغلق .

ثم توجهت للكل بأنا اليوم سنعمل نموذجا لحوض الأسماك بكل ما فيه من مقومات الحياة .


أخبرتهن بأن متطلبات العمل لم تتوفر جميعها فعليهن تدبير أمرهن .


بادرن بكامل حماسهن للعمل , ولم أجد بوادر للتردد سوى من البعض حول كيفية تحصيل أدوات العمل , ثم ما لبث أن زال عنهن ذلك .

أعجبني سرعتهن في بدء العمل وعدم تحججهن بعدم توفر المواد اللازمة , بل سعيهن بأنفسهن لتوفير تلك الأدوات دون تذمر أو تكاسل .



سرني خلية النحل التي تكونت بالمخبر ,ومدى مشاركة الجميع لإتمام العمل .


أدهشني التكامل والانسجام الرائع وتبادل الرأي والمشورة في مجموعة البيئة المائية وما تميزن به من احترام لبعضهن عدا سرعة الإنجاز للمهمة .





أزعجني فوضوية العمل في البيئة الصحراوية , ووصولهن لمرحلة النقاش الحاد ووجود خلاف بينهن , ولكن تلاشى ذلك بعد أن عاد الوفاق والاتفاق إليهن ,واحترمن وجهات نظر أخواتهن .


هالني تبادل السباب وتسفيه العقول بين بيئة الصحراء وبيئة السهول , فوبخن لأجل ذلك .


آلمني تأخر بيئة الغابات في إنجاز العمل ولكن كان يعجبني هدوؤهن واندماجهن التام في صميم العمل حتى أخرجن لنا أجمل نموذج لحوض الأسماك .


مع متعة التأمل التي كنت فيها , إلا أني كنت منزعجة لعدم تمكني من تقويم أداء العمل بشكل مدروس مقنن .


غابت عني معايير تقويم الأداء , كيف أنظمها وكيف أسجلها وكيف أدرسها ,وما نتائج دراستها .

استنفذنا وقتا طويلا في العمل , وخرجنا عن الوقت المخصص للحصة , إذ ساعدنا غياب معلمتهن في إتمام النماذج .

خرجت الطالبات مسرورات لما قمن بإنجازه وسررن أكثر حين علمن بأني سأصور إنجازهن .


ولكن بالنسبة لي فقد خرجت بكومة أخطاء وقعت بها , برأيي لو تلافيتها مستقبلا فسيكون الأداء والنتائج أفضل .

منها :

1-سوء التخطيط والتنظيم للعمل .



بالرغم من أني حاولت وضع الأهداف لكن كان ينقصني ترتيب أفكاري وتنظيمها وتحديد الزمن اللازم للتنفيذ , والتوقيت المناسب لتحقيق كل هدف .


2-التقويم وأدواته .

اعترف بأني مازلت أجهل الكثير عن طرائق التقويم المناسبة , وملاءمتها لكل هدف . ركزت فقط على الجانب المعرفي , وأهملت الجانب السلوكي والوجداني .فأدوات التقويم لها كانت معدومة .
كان ينبغي إعداد وسائل التقويم وأدواته المناسبة لجميع أنواع الأهداف قبل الشروع في الدرس , مع الأخذ في الاعتبار دراسة النتائج وأدراج الحلول والمقترحات بعد عمليات التقويم حتى تؤتي ثمارها .

3-ليس هناك أدوات لتقويم أداء المعلمة في حصتها :


حتى تستطيع معرفة جوانب القصور والضعف عندها , وكذلك نواحي القوة لديها , ومدى قدرتها على تحقيق أهداف درسها , ومراعاتها لاختلاف طالباتها سواء من ناحية القدرة على التحصيل ومراعاة ميولهن وقدراتهن .
فينبغي أن تكون لها أداة تقويم تناسبها حتى تقف على ثغرات الأداء لديها فتصححها , وتركز على جوانب القوة لديها فتعززها وتنميها .



4-الوسيلة التعليمية وتجهيز أدوات العمل :


يتم البحث عنها وإعدادها وجمعها بوقت قصير قبيل تنفيذ الحصة , مما يوقع المعلمة في حرج في حال عدم توفرها .
لذا يبنبغي مراعاة توفيرها بوقت كاف , حتى إذا لم تتمكن من توفيرها فيكون أمامها البحث عن البدائل بوقت مناسب .


مهنة التدريس ليست سهلة أبدا ,

كثيرا ما أكون منزعجة لأدائي , أو محبطة لأجل أخطائي

يتلاشى ذلك حين أرى بسمة قد ارتسمت ,

تقول لي :




أنت تجعلين لإنجازنا قيمة .:)

ميمونة
10-23-2009, 10:33 PM
كم أنت رائعة ياوردة الصباح ..
اسلوب مشوق .. وذكريات رائعة ..
أكملي خربشاتك .. ففيها من القيم والتجربة الشيء الكثير
أعجبني تعاملك مع الطالبات .. ومواقفهن ..
أعجبني وصفك لحال الطالبات .. وصف ينقلنا إليهن ..
بارك الله فيك وجعل عملك خالص لوجهه الكريم ..

بحر العطاء
10-25-2009, 01:09 AM
لازلت متابعة .........
اكملي
فقد سحرني اسلويك ...

فيفي
11-05-2009, 01:38 PM
كم أنت رائعة ياوردة الصباح ..
اسلوب مشوق .. وذكريات رائعة ..
أكملي خربشاتك .. ففيها من القيم والتجربة الشيء الكثير
أعجبني تعاملك مع الطالبات .. ومواقفهن ..
أعجبني وصفك لحال الطالبات .. وصف ينقلنا إليهن ..
بارك الله فيك وجعل عملك خالص لوجهه الكريم ..

وإياك


سرني إطلالتك الجميلة هنا
وسرني أكثر إعجابك بخربشاتي .

حياك الله بمتصفحي
فأهلا وسهلا .

فيفي
11-05-2009, 01:39 PM
لازلت متابعة .........
اكملي
فقد سحرني اسلويك ...

:o
شكرا جزيلا لك .
وأعتذر عن تأخري .

رياض البطشان
11-05-2009, 02:08 PM
الأخت الكبيرة فيفي

تسمحي لي أن أكتب وقفات من خلال قصتك الإبداعية :

1 / أعتقد أنك تمتلك صفات عظيمة من أبرزها الصبر ثم الخلق الحسن ثم العاطفة الحنونة .

2 / اختيار المهنة التي يستطيع الشخص التفوق فيها والنجاح أفضل من خوض تجارب قد لا ينجح فيها ( هذا إذا كان فيه خيارين وكلهما يؤدي المقصود ( اختيارك الزراعة في النشاط )

3 / النظر في الأسباب المانعة من الشىء وليس ترك الشىء ( النظر في عدم نمو الأشجار ) .

4 / جانب التحفيز القبلي للعمل مهم في التهئية .

5 / أن عمل الإنسان مهما كان عنده من فهم وإدراك لابد من طلب العون والمساعدة من رب العالمين عز وجل .

6 / إخلاص الأعمال لله يجعلها في أحسن لباس ويكتب لها البقاء وينفع بها .

7 / فيك تواضع كبير وذلك بنقد نفسك الذي جعلك تستمري في العطاء والبذل

وفي الختام

أسلوبك أكثر من راقي ويشد القارىء

وفقت لكل خير ونفع الله بك

فيفي
11-05-2009, 02:44 PM
في الحقيقة لا أعلم كيف أشكرك

مرورك الرائع هذا يمدني بالمزيد

شكرا جزيلا لك

وبارك الله فيك .

فيفي
11-05-2009, 02:45 PM
منذ أن كنت في الثانوية ويشغل بالي التدريس
تلقيت تعليمي الابتدائي في الغربية , ثم انتقلت للجنوب
منذ يوم دخلت المدرسة وأنا ألحظ البون الشاسع في طريقة التدريس والتعليم التي أتلقاها , شعرت بالاستياء لأنها كانت تجرني إلى تعطيل فكري وقدراتي .

ويزداد هذا الشعور سنة بعد أخرى . فتداركا للأمر لجأت إلى الاعتماد على ذاتي .


في سنة افتراقنا في المرحلة الثانوية تسألني صديقتي وزميلتي من السودان عن توجهي بعد أكمال الثانوية ,
أخبرتها

سأكون معلمة , ولكن ليس مجرد معلمة عادية .






في بداية سنتنا الدراسية هذه , مع تبني مشروع التطوير , أقيمت لنا دورة في يومين لتوضيح غاية هذا المشروع .

وقبل أن نجتمع مع مشرفاتنا وزميلاتي يلقين على كاهلي تحمل أعباء هذه المقررات , بالطبع في ظل وجود إغراءات بتخفيض نصاب الحصص عندي .

وافقت , ربما لأن هدف المشروع هو هدفي منذ الزمن البعيد .


كنت على يقين أني أمام تحديات كبيرة , وأن الأمر لن يكون سهلا

ولكن إيماني بالفكرة , وميلي نحو بناء جيل مفكر كان دافعا لي , ولذلك لم أتردد .




مع اعترافي بأني غير مؤهلة بالكامل للقيام بالمهمة التي أوكلت إلي , صحيح أني أملك من القدرات والخصائص ما أملكه , ولكن في الحقيقة ينقصني وينقصني الكثير , ولذلك أشعر بالغيرة حين أجد من هو متفوق علي , واحزن كثيرا حين لا يسير أدائي نحو تحقيق الأهداف المرجوة .

وحتى لا يؤثر ذلك علي بشكل سيء أقنع ذاتي بضرورة مقارنتها بنفسها . مع محاولة الإفادة من الغير .





بحماس بدأت خطواتي مع هذا المشروع .

ولكن بدأت العقبات تواجهني

أحسست بالضيق تجاهها , لكن كنت أحاول أن أجمع شتات أمري


في سبيل أن أكون إيجابية حاولت أن أكون بعيدة عن مجال الشكوى والتذمر , ولكن وجدت نفسي أقع في شراكها , فألوم النفس وأعود . وارتاح حين أعلم أن الجميع واقع فيما وقعت به فتطمئن نفسي .




حصتي الأولى :



ترددت كثيرا في الدخول للصف , فثقتي بنفسي لم تكن كما أريد وخاصة أني أريد الخروج بأفضل النتائج , فتأخرت حتى أكون متأكدة مما أريد فعله .

كأني أول مرةأخوض غمار التدريس , فقررت المجازفة .

كنت متوترة , وزاد الأمر سوءا حين أقف عند باب الفصل وترفض بعض الطالبات الدخول , وأجد عنادا منهن شديد , غيرت نمط التعامل معهن ليقبلن الدخول على مضض , ظننت أن ما أصابهن مشكلة اجتماعية مع زميلاتهن في الصف وخاصة أنهن قادمات من مدرسة أخرى , وتيقنت من ذلك فيما بعد .



جرت فصول درسي على غير ما أريد , فخرجت مستاءة لما حدث , جلست على كرسيي وبدأت أراجع ما جرى وما حدث أثناء الدرس لأقع على ثغراته علني أصححها فيما بعد .



وهذا ماكان في الحصة الثانية , فكنت أكثر راحة واطمئنانا وانشراحا لتجاوب الطالبات الرائع ..................طبعا على حساب وقت الحصة المقرر فقد طال بقائي معهن . والذي مازال مشكلة قائمة بذاتها إلى الآن .





أما الصف الرابع , دخلت وهم البركان معي , كنت أنظر وجوه طالباتي فأجد علامات الاستفهام التي توجع قلبي , سررن بالحاسوب الذي حملته إليهن حيث عرضت عليهن فيلما للبركان .


ولكن شعوري السيء لم يتلاشى أمام تلك العلامات , فتحولت من البركان , لقطعة الحلوى المسلوبة , فوجدت راحتي حين تبسمت طالباتي .



ومازال هناك بقية

فيفي
11-06-2009, 05:17 AM
من أشد سهام القلب وجعا وقتلا أن تجد الأم صغارها يتضاغون جوعا فلا تجد ما تطعمهم إياه .

وإن من أقسى المواقف التي توجع قلب المعلم , أن يرى عيون طلابه تطلب ما في جعبته , فتكون كالسهام تخترق جدران قلبه لأنه فقير بما طلبوه ورغبوه .



أمام كتبي وأوراقي وحاسوبي كنت أجلس مشلولة الفكر لا أقوى على شيء ,



أحاول , ولكن كأني أبحث عن سراب , ذهبت لمرقدي أريد الراحة قليلا لأعود , ولكن هيهات .

ظننت الأمر طارئا سيزول عما قريب , ولكن الحال تأزم إذ بلغت بذلك السبع وتلتها السبع وكادت تبلغ السبع الثالثة .


ماذا أصنع بين يدي طالباتي ؟


تمنيت أني قادرة على التخلي عن مهنة التدريس ولا أكون في هذا الموقف الحرج .


أضطررت لتأجيل بعض الحصص مع حال كهذا , ترميني زميلتي بمقولة أني مجتهدة فأتبسم ومن داخلي أتقطع هي لا تعلم شيئا .


أحاول أن أقف بين زهراتي بثبات , ومن داخلي احتقار لما أصنع .


نهضت من جديد , ولكني عاودت التعثر فوقعت . حاولت طمأنة نفسي بقدرتها على النهوض مجددا .


توجهت للمعمل أريد إعداده للعمل , توقفت للحديث قبلا مع زميلتي فألجمتني الحديث بمقولتها التي جثمت على صدري ( أعادت لذاكرتي أمانة حملت إياها ويال ثقلها وعبئها الشديد )



اجتمعت مع طالباتي ( الصف الأول متوسط ) ومعهن جلسنا نعصف يالفكر قليلا , وأرقب عملهن حينا أخرى, ما بين حائرة , وأخرى تقيس , وثالثة تلهو, ورابعة لا تعي شيئا , وخامسة أعياها الفضول تركت مهمتها لفحص جهاز أمامها ,,,.........


انتهيت منهن , لتحاورني تلك المجموعة :

نجود ذات المستوى العقلي الراقي المتطلع للمستقبل.


سالمة أم لاثنين سعيدة بما تنقله من علم لمن في بيتها , شخصية رائعة قائدة وقادرة على تحمل أعباء ومسؤولية من حولها .



وآمنة, الفتاة الحالمة , صاحبة الخيال الواسع , وبعد النظر , وسعة الأفق وحب الفضول , من يصفها أهلها بالجنون لأنها تحدث نفسها حين تسمو بتفكيرها .


ولا أنسى من كانت غائبة عن اجتماعنا, أشواق صاحبة الصوت الجهوري , والتفكير التحليلي , وأخيرة تخفي وراء قسمات وجهها المتذمر اللامبالي , فكرا نيرا وعقلية فذة تحتاج إلى صقل وتمحيص .



خجلة وقفت أمامهن لأني ما استطعت خدمتهن , انصرفن من أمامي مسرورات

وأنا انقلبت لغرفتي والصمت يغلفني .

لم أهنأ بيومي ذاك ,

وأتبعته بالليل .

إذ كيف لمثلي في حالي أن ترقى بعقول صغيراتي ؟

بحر العطاء
11-06-2009, 10:56 AM
بدايتك مع المشروع الجديد تذكرني ببدايتي فعلا
...
..
ولازلت مثلك ابحث عن مايرضيني
فلا زلت اشعر بالتقصير ...
لاني اعرف اني قدراتي افضل من ذلك
لكني صعقت بالمنهج الجديد ... ليس لصعوبته ..
ربما للطريقة الجديده في التدريس .
دائما اخرج وانا محبطة جدا ....
( دونت ذلك في منتدانا هنا بعنواد ساعدوني ..من اول محاوله اشعر بالاحباط )
لكن اسعد بصغيراتي عندما يخرجن وهن سعيدات
واحيانا لايردن الخروج ...
لعل القادم افضل
اكملي ...لعلنا نستفيد

أحمد ورقنجي
11-06-2009, 06:14 PM
رائع وجميل


تحياااااااااتي

فيفي
11-08-2009, 12:34 AM
أختي العزيزة بحر العطاء
أسر بتواجدك الدائم هنا
كلي أمل أن أقدم ما يروق لك وللجميع بإذن الله

أخي أحمد حياك الله بمتصفحي .
فأهلا وسهلا بك


.................................................. .................

أحمد الله عز وجل أن بدأت تلك الغمامة تنزاح عن قلبي

سأقف من جديد , متوكلة على ربي سأكمل مهما بلغت بي المعوقات

طالما أكره من طالباتي العجز وأطلب منهن المحاولة

لذا سأعود لأحاول

وعلى بركة الله أبدأ المسير من جديد .

:)

فيفي
12-29-2009, 08:08 PM
شكرا جزيلا لك أخي أحمد على زيارتك
بارك الله فيك .

فيفي
04-01-2010, 01:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

لم استطع أن أتجاهل تلك النظرات القاتلة .

توحي بالكراهية والنفور من عقبة تقف حائلا دون شعورهن بالسعادة والرضا .

أمنية تمنينها فلم تتحقق , فكتمن حقدا لم تستطع عيونهن إخفاءه ,


-ما هذا المصير المحتوم ؟





قبل أن تنبئ الصفارة بالرحيل , قلبت كرة أرضية أصلح ما عطب فيها .


عيون تترقب , وعيون تنتظر الخلاص .



قررت فتح الحوار .



قلت ما عندي , وانتظرت ما عندهن في توضيح موطن الخلل .


بدأن بإظهار ما يكتمن وما يخفين من مشاعر وتلقيت الآراء من هنا وهناك , ولربما استحيين من توجيه التهمة فألصقنها بالمقرر .




فكان قرارنا
أن نمضي معا من أجل الوصول للغاية .


وكانت البداية .


من قبلهن بكل صدق وهمة .


فكان لزاما علي الوفاء بالمعاهدة
وتوثيقا لأمر عزمناه سويا .



المكوك 1

( لم يرق لي ذاك المسمى , كنا في عجلة , فقبلته على مضض )


من هنا وهناك أفكر في شأن الرحلة , فما أن أشرع في الإعداد حتى تغزوني بوادر القلق ومثبطات النجاح , فحينا أقدم وحينا أحجم .

حين ألتقيهن أشعر بالأسى حين أجد الأداء بعيدا عن مسارنا الذي أردناه .


ولكن تعود همتي من جديد , وحين انتشي نجاحها يبدد الخوف لحظات السرور تلك


صادفني ظرف تغيبت عنهن زمنا , كانت فرصة للخروج من الأزمة النفسية لتلك الرحلة .




ومع بدء العد التنازلي ,
انتابتي نوبات القلق , فلم أكمل إعدادي التام لننطلق بسلام .

حزن , وشعور بالخيبة .

ملت للانهزام ,


ولكن هناك ما غير مجرى التفكير


طالبتي أثني عليها بالمحاولة , وأبدد عنها الشعور الآسي حين لا تنجح

يكفي أنها سخرت طاقتها من أجل الهدف


وكذلك بنفسي ينبغي أن أفعل .


في صمتي المعتاد , في المقعد الخلفي كنت غارفة في بحر تفكيري ونحن نسير أميالا عدة عبر الجبال لنصل أخيرا لمقرنا .


حقيقة ما كنت أود المخاطرة بالرحلة , ولكن لا مناص فالجميع ينتظر , وإن كانت النفس تراودني لإلغائها .



تقدمت نحوهن , وبكل أريحية تحدثت ,

جميل أن يشاطرنني همومي كما أشاطرهن

فنحن واحد وإن كانت القيادة بيدي .



-( واجهتني صعوبات في التنسيق للرحلة , ليست المركبة كما ينبغي , وهي للأسف ليست بكامل عدتها , عذرا فقد بذلت ما استطيع ) .


- لا بأس يمكننا الانطلاق ويكفي ما هو موجود .



صعدنا المركبة أخيرا .

وبدأ العد التنازلي
10
9
8
7
6
5
4
3
حينها صرخت بأعلى صوتي لتتوقف المركبة عن الإقلاع .


لقد نسينا أمرا مهما

البدلات الفضائية

وعبوات الأكسيجين

فنحن في رحلة للفضاء الخارجي

حيث لا هواء

ولا غلاف جوي

وإشعاعات ضارة من هنا وهناك .





عدنا لها أرضنا , وارتديناها

ومن جديد انطلقنا .





عن الأرض بعدنا ,




وعطارد أول محطتنا ,



تليناه بزهرتنا ذات الغمائم , ثم يممنا شطر المريخ بحمرته , وودعنا مركبة الفضاء ,مراسل الأرض على سطحه.



وهالنا المشتري بضخامته , ودهشنا لدوامته ,

وما أروع ذاك الكوكب
,
زحل الأنيق

بحزامه العتيق ,


ولا أنسى الزرقاوين

أورانوس , ونبتون .




وقبل الرحيل

نعينا فقدان الصغير

القزم البعيد .


http://www.k33k.net/upk33k/uploads/thumbs/zmzm.netcea22f1968.jpg
صورة جماعية للمجموعة الشمسية التقطت قبل غياب ( بلوتو )





آه ما أروع المنظر

حين يشق صمت الفضاء
صخيب تلك الضحكات , من أفواه صغيرات
حصرن بين أحضان الجبال .


وأخيرا حان موعد الرحيل

صوب كوكبنا الجميل

فهبطنا بسلام آمنين , والحمد لله المنان على عظيم إحسانه .








ولكن ألا أخبركم بالمزيد عن رواد هذه الرحلة ؟

قائد المركبة ( أشواق وفرقتها على موعد معهن لمشهد الفصول الأربعة ,

وآمنة خرجت من حزنها الدفين و أنشات كتيبا جميلا,

وسميرة فقد شرعت في أولى صفحاتها... تأملات في الفضاء .

أما ليلى فقد غابت عني أخبارها , فقد كانت وقت الرحلة مهنمكة في التدوين, أما خيرية وصالحة فهما مشغولتان بالقمر وأطواره ) .



أما أنا
فإني اطبقت مذكرتي ,على لقاء قريب بإذن الله في صفحة أخرى من

بين أحضان الجبال .

فيفي
04-12-2010, 03:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



غرزة الفرع البسيط , غرزة البطانية , غرزة الحشو

آخر العهد بها عند تقويمي عليها في المرحلة المتوسطة

ما كنت أعلم أني سأعود إليها مجددا بعد سنين طوال

في الحقيقة طالباتي فاجأنني بما صنعن


استخدمن خيوط الصوف وخيوط التطريز وما تعلمنه من غرز في مادة التفصيل والخياطة ليقدمن لنا نماذج جميلة للخلية الحيوانية والخلية النباتية ........أليس هذا إبداع ؟






.................................................. .........


مستعدون للاستمتاع بمشهد الفصول الأربعة ؟

إذا هيا بنا


اعذرونا ليس لنا باع في السيناريو والإخراج ,

فأرجو أن تكف عنا ألسنة الصحافة من نقدها اللاذع.


1. 2 . 3
نبدأ

اجتمعت فرقة التمثيل لأداء المشهد ,

وابتدأ الحوار,

وكاد العمل يفشل بتراجع إحداهن , لكنهن تداركن ذلك بالبديل ,

كانت العبارات جميلة وصفا لفصول السنة , وتصويرا لما يحدث فيها من متغيرات


محاولة جريئة منهن للقيام بمثل هذا العمل وتشخيصهن للفصول الأربعة


ولكن كن بعيدات عن الحبكة الدرامية وإدارة السيناريو بشكل جيد ,



انتهى المشهد ,

وفتح النقاش للتعليق والنقد من قبل الجميع .



كم كنت مسرورة حين أجد الآراء دون تحيز من هنا وهناك .


بعد أن انتهينا من الجميع اتجه السهم للمجموعة لتقوم عملها

حقيقة معجبة جدا بهن وبشجاعتهن ؛


تقبلهن للنقد , تقويمهن الذاتي لعملهن , وسرعة البديهة لديهن فيما يمكن عمله ليكون أفضل


وقبل كل ذلك اليد الواحدة التي ميزت تلك المجموعة , فكل يسعى للرقي بها , دون تمييز بين قائد وآخر , فالكل يرى أنه مسؤول .






قبل أن أنهي ذاك اللقاء .


سمعنا رسالة استغاثة من الأرض على لسان أشواق :




أيها الناس :

أنا الأرض فهل عرفتموني ؟


أنا التي حميتكم من الإشعاعات الضارة وحرارة الشمس القوية , وها قد حان الوقت لتردوا لي الجميل .


بسببكم سوف أموت , هل تعرفون لماذا ؟

المصانع الكبيرة , النفايات ووو


إني أبكي وأصرخ , انقذوني ولكن دون جدوى , فأنتم ما زلتم في غفلة


أنا أتحطم , وغلافي يتحطم , والإشعاعات والإنفجارات من هنا وهناك .


هذا يكفي .


قدمت لكم كل شيء , فحافظوا علي

انظروا إلى دموعي , هذا يكفي , إني أبكي , نعم أبكي .


هل تريدون أن أحرقكم

لا


لن أفعل


ولكن احموني .


إني اتحطم واصرخ , ولا أجد من يسمعني , وأبكي ولا أحد يمسح دموعي


وأتعذب ولا أجد من يحميني .


هل أنا سيئة بالنسبة لكم


إني أحبكم , وأتمنى لكم العيش والهناء والسرور .


هل ترغبون بأن تتحطم الكواكب الجميلة , النجوم , والمجرات

سوف تسألون .

لا تقولوا لماذا

فأنتم السبب .


هل تريدون أن أحميكم ؟


ولكن ساعدوني , هذا كل ما أريد منكم


المساعدة فقط .





سأقص عليكم قصة


فربما تكون آخر قصة لنا قبل أن نموت .


كان هناك كرة جميلة , مليئة بالفرح والسرور , كانت تحب الجميع , وكان كل الناس يحبونها ويحمونها

كانت تخاف عليهم حتى من الذرة أن تقع عليهم .

كانت تخاف عليهم أكثر من نفسها


ولكن تغير كل شيء

لقد نسوا المعروف كله , فما عاد أحد يهتم بها , حتى صديقتها ابتعدت عنها , فجاءتها رغبة الانتقام وقررت أن تحطم كل من يعيش عليها , واحدا تلو الآخر , ففعلت ذلك وحطمت كل شيء .


وأخيرا , هل تريدون أن أفعل بكم كما فعلت تلك الكرة بصديقتها , والمخلوقات التي كانت عليها ؟


لا

لن أفعل


لأني أحبكم


فهل تصحون من غفلتكم ؟



المرسل : كوكب الأرض

رساي
04-12-2010, 07:38 PM
اسلوب ر ائع جذاب مشوق رائعة الحياة عندما نتعامل معها بهذه الطريقة كاتبه مذهله بحق

وحدي وعلى جهدي
09-30-2010, 05:37 PM
جميل جدا ابداعك
استمري ...
فالحياة ليست الا عطاءات متجددة

فيفي
10-19-2010, 03:19 AM
اسلوب ر ائع جذاب مشوق رائعة الحياة عندما نتعامل معها بهذه الطريقة كاتبه مذهله بحق

مرحبا بك أخي رساي , وشكرا جزيلا لك , مروركم بمتصفحي يزيدني رغبة في المواصلة .

فيفي
10-19-2010, 03:20 AM
جميل جدا ابداعك
استمري ...
فالحياة ليست الا عطاءات متجددة


بإذن الله ساستمر

شكرا جزيلا لك .

فيفي
10-21-2010, 02:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .

اليوم: الأحد .
التاريخ : 9 / 11/ 1432 هـ .
الصف : الخامس .

موضوع الدرس : لا أعلم بالضبط , لكنه يتعلق بالنباتات .




معنوياتي ليلة ذاك اليوم كانت عالية جدا , فكانت دافعيتي للعمل كبيرة .


بدأت تدوين أهدافي , ثم غرقت في آلية تحقيق ما أريد .


أريد الأفضل , وأجهل السبيل , فوقعت في دوامة التردد والتفكير , في ظل محدودية الدراية , وأزمة الموارد , والخشية من انقضاء الوقت .


قلقت من النشاط الاستقصائي , لخشيتي من عدم وضوح النتائج للطالبات وعدم توافر النبات المناسب للمشاهدة , ولكن لا مناص من إجرائه .


ضخامة المحتوى توقعني في هاجس آخر , أما التقويم فما زال غصة لم تندفع .



أدركني الوقت وأنا لم أصنع شيئا بعد , فكسرت حاجز القلق والتردد , عزمت أمري فتوكلت على الله .



بدأت في العمل , جهزت صورا احتاجها , وأعددت أوراق العمل , حاولت أن تفي بالغرض مع تمام اقتناعي بعيوب فيها , ولكن ضاق بي الوقت فلم أتمكن من تداركها .

اطمأننت , شعرت بأن دائرتي أصبحت أكثر وضوحا واكتمالا .


(حينما تغزوك لا يمكن باستمرار , فإنك ستصبح أسيرا في المستحيل )


صبيحة يوم الأحد كانت مختلفة عن سائر الأيام التي شهدتها في عامنا الدراسي هذا .



كالعادة وصولنا كان متأخرا, ولكن تفاجأت برؤية طابور الصباح فشككت في زمن الوصول , ودهشت باجتماع زميلاتي في غرفتي ( حيث سجل التوقيع ) فأيقنت أن هنالك أمر .


اجتماع المديرة بالطالبات في طابور الصباح تعقيبا لأحداث جرت في نهاية دوام يوم السبت .

وكان لنا اجتماع آخر , في غرفة المديرة كالعادة , ولكنه مفاجئ وفي توقيت مبكر .

ليس مستغربا ما ستقول , كنت أنتظر أن تسند إلينا بقية أعمالنا , لنكون على بصيرة أكثر بمهماتنا .


خرجت من تلك الغرفة مستاءة , فكنت في موقف اللامسؤل ذلك اليوم , لا لأجل ما أسند إلي , ولكن لأمر آخر .



تحينت وقتا لأحادث المديرة بأمري , وجود زميلة أخرى بذات المكان منعني التقدم , فمازدت أن قلت لها ( لم استطع عمل شيء اليوم ) .فهذا سيثيرها لتنتبه إلي .


في غرفتي , تسللت إلي بعض طالباتي من الصف الخامس , كانت الحصة الرابعة , وكن يستعجلنني بالحضور , وخاصة ممن لا أجد لها اهتماما .


قاطعتني سميرة في طريقي , لم تجد أكوابا لتجربتنا ,كانت تحمل قنينة ماء فارغة فسألتني إن كان بإمكانها قطعها عرضيا لتصبح كوبا , فأعطيتها الجواب .



انتظام في بيئة فوضوية , اهتمام لا معقول , وجدية في الأداء.



صورة أخطأت حين لم ألتقطها .






المجموعات انتظمت , على كل طاولة وجدت الملفات رتبت لتصبح في متناول اليد , الأدوات مجهزة , وكذلك الأوراق والأقلام للتدوين . شعرت بالارتياح والسرور , لأن هناك من يرغب في العمل بدافعية شخصية , وليس بإيعاز .



البيئة الرائعة التي صنعتها طالباتي , هذه المرة كانت هي المشجعة للأداء والعمل ولست أنا .



بأريحية تامة بدأنا نعمل ونتفاعل جميعا .

كان على المجموعات أداء مهمة , وهي اكتشاف مدى تأثير عدد الأوراق في طريقة نقل الماء للنبات ؟



لم تكن هناك إشكالية في التنفيذ , سوى الدقة في العمل , والإنصات الجيد للتعليمات .بمعنى آخر الطالبات كن مهتمات فقط بوضع الصبغة في الماء , ثم وضع النباتات في كل كوب دون دراية وفهم بالهدف المراد من تلك التجربة . فكنت أقوم كل مجموعة أثناء مروري بينهن وأصحح لهن ما وقعن فيه من خطا .



بداخلي اقتناع تام بالخلل العظيم الذي سيظهر في النتائج , لأن الطالبات العدد الأعظم منهن لم يكن لديهن فهم بالمراد ولا التوقع بما يمكن أن يحدث ( في إحدى المجموعات اكتفين بوضع أوراق النبات في الماء فقط ) .



انتهت فترة النشاط , وانتقلت بهن لموضوع آخر بالدرس متعلق بتصنيف النباتات .



وزعت عليهن أوراق العمل وعرضت بعض الصور المناسبة للموضوع , كنت قلقة في البداية , ولكن اطمأننت حين وجدت العمل يسير كما يجب .



عصافير الأحلام في توقعي كانت الأسوأ في المستوى والأداء ,

وفي الواقع : كن الأهدأ , الأشد انتظاما , الأسرع إنجازا , والأكثر تعاونا . ( فكان اختياري لسميرة قائدة لهن اختيارا موفقا ) .


فراشات الربيع , وزهور الربيع لم يخرجن عما هو مأمول منهن سوى في بعض العثرات البسيطة , ولا يكفر لهن تعاونهن وانسجامهن .

أما النجوم اللامعة ففي ظني ستأخذ نجوما عدة في سوء الأداء وسوء الانتظام والوفوضوية , وعدم احترام الغير .



كنت في حلم جميل , أفاقتني منه زميلتي ( معلمة الرياضيات ) بسرعة خاطفة .




انتهى الوقت .

صباره
10-29-2010, 06:29 PM
ماشاء الله اسلوب سلس وجميل..
>متآبعه..
:)

فيفي
10-30-2010, 10:46 PM
ماشاء الله اسلوب سلس وجميل..
>متآبعه..
:)


شكرا جزيلا لك أختي

مرحبا بك هنا . :)

فيفي
10-30-2010, 10:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

حملت أدواتي , وعلى مكتب المديرة وضعتها , تركت لها رسالة قصيرة , ثم انصرفت راجعة إلى منزلي .

جلست على مقعدي في السيارة , وأوعزت لعقلي أن يستريح من دوامة التفكير اليومية , لقد سئمت .

ولكن برغم إرادتي تسللت كفي نحو خدي كي تستقر تحتها ,لأغرق واسبح في مجريات أحداث اليوم .


ألقيت جسدي على سريري لاستريح , فلاحت لي الصغيرة بدرية , لتزداد لائحة الحقوق .


على العشاء وجهت الخطاب لأمي أني اليوم عاقبت وأوجعت , أوضحت لها مبرراتي , علها تزيد من ثنيي عما صنعت فلا أعود , أخبرتها أني لا أريد ذلك فاغرورقت عيني وصمت .


لا استطيع أن أكمل على هذا النحو .

تلك كانت رسالتي لمديرتي .

مع تتابع نمط الأخطاء التي أقع بها يوميا , وصل المؤشر إلى درجة الخطر , فآثرت أن أتوقف وليتني أتوقف

لا أريد أن أتهور أكثر .

لقد أخطأت واعترف بخطئي .

ليس من طبعي أن أغضب بسرعة , وما أروع سجية الحلم التي كنت أتطبع بها , فما بالي افتقدها اليوم .

هذا ليس منهجي , وليست تلك طريقتي , فما الذي غيرها ؟

كثيرة هي الحلول السريعة لكنها غير مجدية .

صناعة الجيل وبناء الإنسان , أين أنا منها اليوم ؟

ما بال تلك الأحلام ماعادت تتراءى ؟

أصبحت تتوارى ,


فاعتمت صورة ذاك الإنسان .

بل صورتي أنا التي عتمت .



لست أما , وليس لدي أطفال .


من بين أحضان الأمهات انتزعن , ليقعن في أحضاني أنا .

نفد الزاد , وانعدم الدواء , وتعالت الصيحات ,


فكنت أما , بين صراعات الأنين وصيحات الأنا , تلك جوعى , وأخرى تنتظر المزيد .

فمن أجيب ؟

هوت يدي في لحظة الضعف تلك , وقسا القلب فلم يرأف بحال من انكسر بين يديه .


رن الجرس , وفرغ المكان إلا مني .

ألملم أدواتي في سكون , لا أسمع سوى أصداء ذاتي .

حملتها , وبقيتها ونبذتها عني ,

لأخبرها :


لا استطيع أن أكون أما .

فيفي
12-03-2010, 04:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


جودي لنا مثل ذا اليوم ( خطاب صغيرتي فاطمة من الصف الثالث بعيد نهاية حصة العلوم )
المشتل المدرسي ( حالات طرد , أداء غير مرغوب )
(نجودها في البيت ؟ ) استفهام للهروب .


اليوم : الأربعاء
التاريخ : 25 /12 /1431هـ.



كان الضيف مسترسلا في حديثه عبر إذاعة القرآن الكريم , حاولت ألا أصغي لكثرة ما أسمع من تلك الأقوال , أدرت وجهي نحو النافذة , ولكن فشلت في السيطرة على أذني حين كانت تسترق السمع للمذياع :
الاعتزاز بالمنجزات الصغيرة , أكثر ما تغلغل إلى أعماقي من مقولة ذاك الضيف , تركت عقلي يتشربها وكأني في حال خدر لا أشعر بشيء حيال دخول هذا الغريب جسمي .



الصغيرة ( العنود ) تتهرب بذكاء حين تعرض لها مشكلة لا تستطيع حلها في مادة الرياضيات , فلا تتوانى أن تقول :

( إحنا نجودها في البيت ؟ ) تريد أن تخبرني أنها تعرف الحل ولكن تريد تأجيله لحين عودتها من المدرسة . إنها تتكاذى على مدرستها .


بشرى , عقبة كؤود بالنسبة لي , حين أجد وجهها تعلوه علامات استفهمام واستغراب تجاه ما ألقيه عليها من أسئلة , غير أنها ذات حس فني أراه في جودة تلوينها وتركيزها لدرجة الألوان .

نورة , أحبها حيث أرى جمال الطفولة فيها , لكنها أتعبتني بلامبالاتها , وشغفها الشديد للعلب , والأكل , وهي تحب الهدايا والجوائز .

صالحة , الطالبة العدائية , اشتكت منها تلك وتلك ,رغم هدوئها , لكني اعتقد أن ذلك ناشئ عن عدم إعارتهن إياها الأقلام والألوان.


سعيدة باللحظات التي أقضيها عند الصف الأول , لقد نجحت بفضل الله في السيطرة على النظام عندهن , حين يرين أصابع يدي تعد , وإذ بكل واحدة تعود مسرعة لمكانها ليعم الهدوء والنظام من جديد . قبل سنتين , لو عددت حتى الألف ما كنت أظن أن هذا الهدوء سيسود أبدا .



على السور في الطابق الثاني كنت أقف , خرجت الأختان من الصف الثاني يردن دورة الماء , شدني منظر الملابس المتسخة التي كانتا ترتديانها , استوقفت الصغيرة استفهمها :

_ لم ملابسك متسخة ؟

أجابتني : ليس عندنا صابون .

_ أين أبوك لم لا لا يشتري لكم ؟

_ أبي مات .

_ أليس لديك إخوة ؟

_ بلى ولكنهم صغار .

تركتها تذهب , دون تعليق .





كنت رائعة هذا اليوم , في مصالحة مع ذاتي ولحظات انسجام رائعة قضيتها معها .

هل السر في يوم الأربعاء ؟أو حديث المذياع ؟ أو فترة النشاط ؟ أم أنها باقة الورد ؟



كنت أتأهب للذهاب نحو درسي بعد حفل المعايدة الذي أقامته المديرة للمدرسة صباح هذا اليوم , لمحت طرقات خفيفة على باب غرفتي , فتحته لأجد باقة جميلة صغيرة من الورد بانتظاري , ليس هناك محلات للورد بهذا المكان , لقد جمعنها بأياديهن الطيبة , طوت بين أوراقها حبا , وفاح عبيرها صدقا , وحملت في رسالتها أعذب ما يكون من جميل المعاني , فكانت أجمل وأروع وأول باقة ورد تهدى إلي في حياتي من طالباتي (سابقا ) في الصف الأول متوسط ( تحفيظ) .


http://up.arab-x.com/Nov10/VsV80317.jpg (http://up.arab-x.com/)



المشتل المدرسي :

قصة بدأت , ولم تنتهي .

فمن سيكون الغالب فيها , ومن سيفوز ؟

فيفي
01-21-2011, 03:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .

اليوم : الثلاثاء
التاريخ : 14 / 2 / 1432 هـ .

على غير العادة , وبرغم كل الظروف أقمت مع طالباتي الصف الثاني احتفالا حين وصلنا منتصف الطريق ,
أتعجب لأجل ذلك , خرقنا العادة إذ كان هذا على هامش ما وقعنا فيه من فشل وإخفاق !
ولكن كيف حدث هذا ؟

أدرس أربع مراحل مادتي العلوم والرياضيات , وكان اختصاصي مع الصف الثاني مقرر الرياضيات .
منذ البداية والثغرة موجودة , وكانت تكبر يوما بعد بعد يوم .سأحاول أن أسجل المسببات التي جعلت سيناريو الأحداث تجري على نحو لا يرضيني بالدرجة الأولى وكذلك المعنيين بالأمر بالدرجة الثانية :

محتوى المقرر ودسامته
عدم ملاءمة الخطة الزمنية للمقرر
عدد الطالبات وكثافتهن
وضيق مساحة الفصل
الافتقار للمتابعة المنزلية
افتقار الطالبات للكفاية العلمية المؤهلة للتعامل مع المقرر الجديد
ندرة الوسائل التعليمية وتوفيرها لكل طالبة
عدم الانتباه واللامبالاة وضعف التركيز
ضعف الاستيعاب للرموز والمفردات والجمل الحسابية
التغذية
عدم تمكن المعلمة من تقويم الطالبات بشكل جيد وإعطائهن التغذية الراجعة
عدم توفر بيئة دراسية ملائمة للتعلم
تشتت ذهن المعلمة بين مراحل عدة فلايسمح لها يالمتابعة الجيدة للمادة وللطالبات والإحاطة التامة بمشكلات التعلم وعلاجها
فقدان الرغبة في العطاء من قبل المعلمة بسبب النتائج الغير مرضية
عدم إشباع حاجات الطالبات النفسية وحاجتهن للعب إلى جوار التعلم
سوء التنظيم والتخطيط من قبل المعلمة أحيانا ,
عدم الإلمام الجيد بخصائص المرحلة العمرية للطالبات
فقدان التصوير الجيد للمسائل المجردة والانتقال الهادئ المنسجم من عالم المحسوس إلى عالم التجريد
ضغوط العمل وطلب الإنتاج الوفير في ظل إمكانات وموارد محدودة
وربما عامل اللكنة وتباينه بين المعلمة وطالباتها .


في الحقيقة كنت أفكر في حلول لبعض المشكلات جربت بعضها , وأخفقت في بعضها , وحين أفلت مني الحبل لم أتمكن من فعل أي شيئ بعدها .فالوقت يداهمني ولا حيلة لي بشيء .
كنت أفكر في استدرار اهتمام الأهالي , والاهتمام بالتغذية الجيدة . فخاطبتهم في هذا الشأن ووجدت تجاوبا ملموسا , وإن كان هناك من يريد المساعدة ولكن لا يستطيع خاصة حين لا يكون هناك شخص متعلم في المنزل أو متفرغ .

لطالما خطرت في بالي إقامة مهرجان للرياضيات لحل بعض المشكلات الرياضية , لكني ترددت فليس لي خلفية جيدة بهذا الأمر , ثم الخشية من قلة المردود في ظل سوء التنظيم والإدارة والتخطيط له .

آخر الأمر اقترحت مشروعا تتبنى فيه الطالبات الكبيرات من المراحل العليا الاهتمام بالنمو المعرفي لطالباتي الصغيرات , بحيث تتبنى كل طالبة طالبتين على الأكثر , الهدف منه تخطي الحواجز الرياضية من قبل الطالبة الصغيرة , في ظل مساعدة من الطالبة الكبرى فتكون قادرة على تجاوزها بمهارة واتقان .

بدأ المشروع لكنه لم ينجح حاليا حيث بدأ في وقت قصير وزمن حرج لكلا الطرفين .


بقيت مشكلة التركيز والانتباه والفوضى التي تجتاح الفصل أحيانا , في ظل الظروف العصيبة القائمة , وعدم نجاح الوسائل المعتادة لجلب الانتباه , عدت لإشارة المرور , ولكن هذه المرة بغرامة مالية حقيقية عن كل مخالفة تقوم بها الطالبة .

استهجنها الكثير , ووافقني البعض , ورغم الاختلاف والاستهجان فإني وجدت غايتي :
الانتباه , التركيز , الهدوء والانتظام .

حتى الصغيرات يتهربن من دفع الغرامات ويتفلتن من المسؤولية, لكني عجبت من البعض حين وجدت فيهن الأمانة والاحساس بالمسؤولية .



قد انتهى فصلي هذا معهن , على لقاء قريب بإذن الله في الفصل الدراسي الثاني .

فيفي
03-30-2011, 10:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .

جمال الورد لا يكمن في شكله فقط , فبين طيات أوراقه عبير أخاذ يسلب الألباب .

فكن كالورد جميلا ظاهرا وباطنا .

.................................................. ........
أنظر دائما إلى منصة الإذاعة , أرى مكبر الصوت بيد الطالبات , وألحظه بيد المديرة أحايين كثيرة ,

ولكن أن يقع بيدي , وأحدث الجمهور به فذاك من المستحيل بالنسبة لي .

جمهوري صغير , محصور بين جدران أربعة ولا أتجاوز ذلك .



وقع الاختيار علي كمرشدة صحية , وبحق أقول لست أهلا لذلك أبدا , ولكن وبعد أن وقع الفأس بالرأس فلا مناص من العمل .

الطريف في الأمر, بعد تسلمي المهمة بدأت تنهال على غرفتي الحالات المرضية , فأقف حائرة لا أدري ما أصنع , ولكن أحاول تقديم ولو البسيط تجاه تلك المريضة .




في محاولة مني للنجاح في مهمتي الجديدة ,بدأت بأول خطوة :

وضع خطة للعمل .

فكان أول مشروع هو ( النظافة ) .

جعلت له هدفا عاما :

الاهتمام بالنظافة الشخصية ونظافة المرافق العامة .



وضمن ذلك الهدف كانت الأهداف الخاصة التالية :

* أن تستشعر الطالبة أهمية النظافة من الناحية الدينية والأخلاقية والاجتماعية .

* أن تعتني الطالبة بنظافتها الشخصية ( الجسم والأسنان والملابس ) .

* أن تحافظ الطالبة على نظافة بيتها ومدرستها والمرافق العامة .


ولتحقيق تلك الأهداف فكرت بطريقة للتنفيذ كالتالي :

_ تقديم برنامج عن أهمية النظافة .

_ تقديم فلاشات أو أفلام عن النظافة.

_ توزيع منشورات عن النظافة .

_ إعداد حقائب للطالبات تخص موضوع النظافة .


وقمت بعدها بتحديد احتياجات العمل من أجهزة وأدوات .



ثم جاء وقت التنفيذ .

فبدأت بالبحث عما أريد هنا وهناك , وحين يطول بي المقام أشعر ببعض الانهزام وعدم القدرة على المواصلة أو حتى نجاح المهمة , فتفتر الهمة , ولكنها ما تلبث أن تعود .

جمعت ما قدرت على جمعه , ثم أخذت في تنظيم العمل وهنا بدأ القلق يتسرب إلي , فهذه أول مرة يكون لي مشروع بهذا الحجم , فوجدت نفسي عاجزة عن المضي قدما فيه وبدأت الصورة السوداوية تخيم علي , بل إني طلبت من المديرة أن تعفيني من المهمة كاملة
وكعادتها ما بخلت علي بكلماتها الطيبة , فعزمت على المضي مجددا .


كنت أحاول التركيز في برنامجي على مخرجاته ونتائجه , فيدفعني ليكون أجمل .


سهرت الليل لأكمل إعداد العرض .

وكنت قد جهزت بمساعدة بعض الطالبات الحقائب .


كل أدواتي جاهزة للعمل , وبقي علي أن أهيء نفسي لتقديم البرنامج , فعزمت أمري وتوكلت على الله .

ونظرا للإمكانات المتاحة كنت اقتصر الأمر على طالبات الصفوف الدنيا .


ولآخر لحظة , ولأني سأضطر الوقوف أمام جمهور كبير , وسأمسك بمكبر الصوت , كنت أتمنى لو قامت المديرة بتأجيله ,ولكن لا مناص .

وجاء وقت البدء , وما زلت أهرب من مكبر الصوت , فناولته المديرة واحتججت بأنه لا بد أن تبدأ هي , ولكنها ما فهمت مرادي فناولتني إياه بسرعة .

أعميت بصري عن البقية , ونظرت إلى جمهوري , فإذا هن صغيراتي,

من كنت :

أتشاكس معهن , أحنو عليهن , أغضب منهن , أضحك معهن, , يفتقدنني إن غبت ,
يودعنني إن رحلت , استقبالهم فرحة , ووداعهم لي بسمة .

هن بسمتي , وهن دمعتي .

فبدأت ,واسترسلت الحديث واسمتعت , فكان مما قلت :

http://net.arabsh.com/images/download.gif (http://arabsh.com/mrtyh9mzwqkp.html)


وأخيرا لا أنسى تقويم البرنامج :

فمن خلال الملاحظة :

تريني الطالبات أظفارهن بأنها مقصوصة نظيفة .
لم يعد فناء المدرسة مكبا للنفايات كالسابق .
والطالبات مرتبات نظيفات .

وهذه المحصلة ليست نتاج مجهود فردي , بل جهود جماعية تكللت بفضل الله بالنجاح .

فيفي
03-30-2011, 10:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان من خلق الجمال وأبدع .
لا أعلم إن كنت استطيع تصويره بكلماتي كما يبصره قلبي .

اليوم : الأربعاء
التاريخ : 25 /4 / 1432 هـ .


حين تختلف زميلاتي كنت أكره أن يصل الأمر بينهن إلى خلاف . أن نختلف أمر لا مفر منه ولكن لا يصل الأمر إلى درجة الخلاف المرفوض فتعرض هذه وتعرض تلك .

ليس الكثير من يعمل بذاك المبدأ , ولو علموه لأحبوه .

وقع الخلاف بيني وبين أم زياد زميلتي , غضبت منها فأعرضت عنها , أردت بموقفي أن تصل رسالتي إليها , فما وصلت , وما كان من طول الخلاف من طائل فعادت المياه إلى مجاريها .

أما مهنتي فالخلاف والصفاء بيني وبينها .
ولكني أقول لها بعد كل خلاف :

من اليوم تعارفنا
ونطوي ما جرى منا

فلا كان ولا صار
ولا قلتم ولا قلنا

وإن كان ولا بد
من العتب

فبالحسنى




.................................................. .......................................
والآن

ما رأيكم أيها الأفاضل لو دخلنا إلى عالمي الصغير الماتع , المليء بالمغامرات والمفاجآت .


ما كنت أعلم أن وردة الصباح ممثلة بارعة .


في حلقة العد التنازلي في مسلسل الطرح كانت البطلة الذئب في مشهد الذئب والخراف حيث أكلت الخراف واحدا واحدا حتى جاءت الأم وأنقذت البقية , فرجع الذئب خاوي البطن صفر اليدين .


وفي قناة العلوم , قدمت الطالبات مع معلمتهن عرضا لقصة الخراف الثلاثة والذئب , وكيف نجح الخروف الثالث ببنائه المحكم من الطوب من صرف الذئب عنه , فرجع خذلان أسفا .

آه لو رأيتم صالحة تمثل دور الصلب فلا حراك ولا انثناء , أما خلود الدبلوماسية الرائعة فكانت هذه المرة السائلة المائعة , واشترك الجميع بعدها في عرض للغازات المنتشرة .




.................................................. ..............

في كل يوم لي حكاية تروى

فيوم مربية فاضلة , ويوم أم غاضبة , ويوم أخت صارمة , ويوم طبيبة حانية .






صالحة

رأيتها في الصف تبكي , ظننتها خائفة , أو مع زميلاتها قد اشتبكت في عراك , قدمت إليها استفهم :
ما بك صالحة ؟

أجابتي :


قلبي .


أجلستها في حجري
وددت حينها لو دخلت صدرها كي أعرف كيف يتألم قلب الصغيرة .


.................................................. .................................................. ...................

فيفي
03-30-2011, 10:08 PM
ولنصعد الآن للصف الثاني
فعصا الأم هناك


أتعلمون ما صنعنا بالأعداد ؟ كانت لنا معها حكاية ورواية .


بنينا لهم منزلا في الخيال ,

فكانت فيه غرف للآحاد والعشرات والمئات .

حل الضيوف عليهم , وفي غرفهم أسكنوهم .

وعلى طاولة الطعام أجلسوهم والتقطت لهم حينها ( صورة تحليلية ) .

وفرحت الصغيرات بالضيوف الكرام .



ولكن ذات ليلة , تسلل لصوص ثلاثة إلي منزل الأعداد ,

فدخل الأول غرفة الآحاد , والثاني غرفة العشرات , والثالث المئات .

ولكن الجميع كانوا في يقظة , فانتبهوا للصوص , وقبظواعليهم, وفي السجن أودعوهم .

ثم حكم عليهم قاضي الأعداد بالسجن لسنوات كل حسب عمره ومنزلته .

واستمتع الجميع بالحكاية , فما تاهت الأرقام في النهاية , وكل عاد إلى منزله . وأراحني الله من الدوامة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

استخدمت تلك الطريقة في درس القيمة المنزلية للأعداد للصف الثاني :

كانت طاولة الطعام تمثل كتابة الأعداد بالصيغة التحليلية , فنجحت بحمد الله تلك الفكرة , وخرجت من مأزق تلك الأرقام بسلام .

فيفي
06-02-2011, 04:58 PM
هنا دونت ذكرياتي ,


حيث كنت مدرسة ,

بإسلامي , بأخلاقي , بإنسانيتي , بفكري , بأخطائي , بتجاربي , بنجاحي , بإخفاقاتي .
على الرغم من مساوئ المكان .

إلا أني أحببته وألفته, كما ألفني هو , واعتاد كل ما في من سيء وحسن .

فكات مدرستي هي عالمي ,


ثلاث سنون إلا , أكابد فيها مهنة التعليم التي أعشقها رغم ألمها .

سأعترف :

ملت للهزيمة والاستسلام كثيرا , حققت إخفاقات عديدة ,
تناسيت أحلامي وأهملت غاياتي .

عشت سلما مع نفسي وتعاهدنا على ذلك , فانتهت حربنا إلى الأبد.

خسرت الكثير , لكني كسبت أكثر .
تظاهرت بالبرود , ولبست ثوب اللامبالاة حينا ,

ولكن ,

روحي التواقة الأبية لم تمت ,
فستبقى , لأجل غاية ما أدركتها بعد .


في أرجاء جنتي الصغيرة طاب لي المقام ,
.

ما أجمل محبة الصغيرات , وما أروعها حين تخرج من أفواههن دون تكلف .

ثورة البركان , أحاول إخمادها وكم حاولت أن أكون لطيفة حتى في آخر اللحظات , ولكن ما طقت صبرا بما أجد فثرت . حاولت تعلم الصبر والحلم من جديد , وحقا : من من أراد أن يتحلى بالحلم , فليعش مع الصغار في قفص واحد .

طرت فرحا حين تحدثت الصامتة , (لقد نجحت’). طفلتي وخزتني بحزنها , فأبى قلبي إلا أن أسليها , والله ما ارتاح قلبي إذ طاطأت رأسها مغضبة مني حزينة .


تطلعت للغابة العليا , والمروج الواسعة ,

وأملت في الخروج من نفق الطفولة الخانق ؛

علي أجد متعتي , وأحدث من يفهمني , كنت أحلم بعودة الماضي ؛حيث قضيت أجمل الأوقات , وخضت الصراعات والتحديات .

لكني تراجعت ؛

فمن لهؤلاء ؟


لا يرغب الكثير في تدريسهن , ولا يطيق ذرعا بما يفعلن .تكاد أن يصيبك الجنون من أفعالهن .

ولكن :

لن يبرز البناء إن لم نحسن وضع قواعده , ولن يناطح السحاب بأساسات ضعيفة .
نفرح بما ننجزه مع الكبار , ولكن لا ينسينا ذلك أنه مبني على أساسات غيرنا ,

تجربتي علمتني الكثير واكسبتني الكثير وإن لم أرض تمام الرضى عما حققته إلى الآن .
وما أطلبه هنا أن يكتفي الجميع من تقليل شان تدريس الصفوف الدنيا وروادها , فإنهم صنعوا شيئا من لاشيء , وأسسوا بنيانا على قواعده ارتقى البقية , ومن أراد أن يخوض التجربة ويذق طعم التحدي والنجاح , فليبدأ من الصفر , فهناك ستنجلي له حقيقة نفسه , ومقدار تحديه لذاته , وسيذق مر الصبر , ويتحلى بلذة المعاناة .


وما أرجوه من صغيراتي أن يعذرنني فما قدمته لهن لا يكفي , وما أعطيتهن لا يغني , وليسامحنني على تقصيري , فما كنت مؤهلة كامل التأهيل لأرقى بعقولهن وذواتهن لما ينبغي أن يصلن إليه .




ها قد أوشكت أوراق مذكرتي على الانقضاء ,
ولكن :

ما زال هناك بقية ........

فيفي
06-03-2011, 07:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

بين أحضان الجبال


الرواية التي لم تنته .
وكأن فصولها للتو بدأت كما الفصول الأربعة .


تغرد الطيور , وتصدح بالنشيد في صبح الربيع .
الزهور أزهرت , والأشجار أورقت ,
وها هو قوس المطر .

بقدومك يا ربيع ,
تطوي عهدا أفل ,
فيغيب الصوت للأبد ,
عن تلك الأرجاء العالية ,
حيث تعانق السحاب,
وتسقط حبات المطر .



والآن


لنفتح الستار ,

لنقدم العرض الأخير,

من مسرحيتنا ,
عنوانه :

قوس المطر , وألوان الحياة .




تقدمت وردة الصباح نحو صفها, ألقت السلام , ثم انتظرت انقضاء ترانيم القدوم لتبدا الدرس الأخير .

ـ أتعلمن ما سندرس اليوم ؟

بدونه لا نرى جمال الكون ؟

ـ إنه الضياء .

ـ فماذا يكون يا ترى ؟.

رفرفت علامات الاستفهام بأجنحتها على رؤوس الصغيرات , وكدن أن يغرقن في بحور الأفهام , فأبين إلا الوقوف على شواطئ الأمان .

ورغما عن الجميع , تلاطمت الأمواج وأرغمت السفينة على الغوص في الأعماق .

ـ معلمتي ,
جبال متعامدة !!!!! كيف هذا ؟

- انظرن جميعا لذلك المغرور كيف صدته المرآة ؟

- ويلي , لم رجلي مكسورة في الماء ؟

- تعالين شاهدن , صورة عملاقة !!!

- بل انظرن هنا , صرت ’ من الأقزام .



تعالت الضحكات , بينما أخرى لم تبارح مكانها , تريد حلا للغز المرآة .


وفجأة, ضج المكان بذاك الخبر :




الأجسام ليس لها ألوان !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!



ـ كـيف ؟
ـ متى
ـ بلى !
ـ كيف ؟
ـ كذب !
ـ جنون .

_ ما هذا الهراء ؟


ـ مهلا صغيراتي مهلا .

ما هكذا نقد الخبر .

ولنبحث عن الرأي السديد على قوس المطر .


ـ قوس المطر.
ـ قوس المطر .

أجبنا :


هل صحيح ذاك الخبر ؟

هل صحيح ذاك الخبر ؟


ـ قوس المطر .


ـ قوس المطر .



ـ قوس المطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــر.



ـ رحل .


ـ لم يجبنا .


ـ لماذا ؟


ـ يا لخبيبة الأمل .

ـ أين الجواب ؟ حار عقلي وأصابني الوجل .

ـ كيف الوصول إلى صدق الخبر ؟

ـ معلمتي ,

هل لوني كذب ؟

حمرة أزهاري , بهاء أشجاري , صرير أقلامي سراب, وهم , كذب .

ـ ليس حقا , كذب , كذب , كذب .

ـ سأجن . أين اليقين ؟


صمت رهيب , وحزن خيم بظلامه على الجميع .
وسرت الأنباء كنار في الهشيم .



ولكن بعد حين ,

همست وردة الصباح :

بنياتي ,هل نظل حبيسات للهم والحزن الدفين ؟

ـ وما الصنيع وغابت بهجة الحياة عنا ؟ هذا مستحيل .

ـ لن يعود السعد إلينا , .لن يعود .

ـ إن نحن إلا ظلام في ظلام .

ـ أطفئن هذه الأضواء ,كفى خداعا , ظلامنا أصدق إنباء من نورنا .


قالت :

ـ كما تردن . سأغادر الآن .

ولكن ,

الشمس ضوء واحد تفرقت ألوانه على بساط أرضنا .



حارت العقول بالأفهام , واستسلم العديد بلا حراك , وظلت أنفس مضطربة تريد الجواب ؛

فغاصت البحور وصعدت الجبال , جالت الحقول والسهول والهضاب .

حلقت مع الباز في الأعالي ,

ورفرفت مع الفراشات في البراري .

وراحت تسأل الغادي والآت , وما وجدت راحة لذاك البال .

فأصابت النفس سآمة , وتلاشت الآمال في بلوغ المراد .

فتوقفت عن سيرها ,

وفي استراحة الطريق ,

رأت لوحة للبشر ,

تأملت ألوانها ,

وتعجبت لحالها ,

ـ هذا سيء وذاك حسن .


ثم انتبهت , وللتو أسرعت

جريا تريد اللحاق .

ما أدركت ,

فصاحت بأعلى صوتها :

ـ معلمتي انتظري .

لا ترحلي ؛

لقد جئتك بالصواب ,


فاستدارت وردة الصباح نحوها ,


فقالتا :

ذواتنا تعكس ألواننا .

ذواتنا تعكس ألواننا .



فأسدل الستار ,
وانتهى العرض الأخير من مسرحية
قدمت
بين أحضان الجبال .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ





يا للأسف , انتهت أوراق مذكرتي .
ما كانت أوراقها كثيرة ,
في المرة القادمة بإذن الله سأبحث عن واحدة أغنى .


إلى اللقاء ................

الاجواد
08-22-2011, 09:42 AM
ماشاء الله استمتعت في قرأة خربشاتك